الجمعة، 7 مايو 2010

أحمد الزعتر:::محمود درويش






ليدين من حَجرَ وزعترْ
هذا النشيدُ..لأَحمد المنسيِّ بين فراشتين
مَضَت الغيومُ وشردَّتني
ورمتْ معاطفها الجبالُ وخبأتني

..نازلاً من نحلة الجرح القديم الى تفاصيل
البلاد وكانتُ السنةُ انفصال البحر عن مدن
الرماد وكنت وحدي
ثم وحدي...
آه يا وحدي! وأَحمدْ
كان اغترابَ البحر بين رصاصتين
مُخيَّما ينمو، ويُنجب زعتراً ومقاتلين
وساعداً يشتدُّ في النسيان
ذاكرةً تجيء من القطارات التي تمضي
وأرصفةً بلا مستقبلين وياسمين
كان اكتشاف الذات في العرباتِ
أو في المشهد البحري
في ليل الزنازين الشقيقة
في العلاقات السريعة
والسؤال عن الحقيقة
في كُل شيء كان أَحمدُ يلتقي بنقيضهِ
عشرين عاماً كان يسألْ
عشرين عاماً كان يرحلْ
عشرين عاماً لم تلده أمه الا دقائق في
اناء الموز
وانسَحَبَتْ
بريد هوّية فيصاب بالبركانِ
سافرتِ الغيومُ وشرَّدتني
وَرَمَتْ معاطفها الجبالُ وخبَّأتني

أنَا أَحمدُ العربيُّ- قالَ
أنا الرصاصُ البرتقالُ الذكرياتُ
وجدتُ نفسي قرب نفسي
فابتعدتُ عن الندى والمشهد البحريِّ
تل الزعتر الخيمه
وانا البلاد وقد أَتَتْ
وتقمصَّتني
وانا الذهاب المستمر الى البلاد
وجدتُ نفسي ملء نفسي...

راح احمدُ يلتقي بضلوعه ويديه
كان الخطوة-النجمه
ومن المحيط الى الخليج، من الخليج الى المحيط
كانوا يُعدّون الرماحَ
وأحمد العربيُّ يصعد كي يرى حيفا
ويقفزَ
أحمدُ الآن الرهينةْ
تركتْ شوارعها المدينة
واتتْ اليه
لتقتلهْ
ومن الخليج الى المحيط، من المحيط الى الخليج
كانوا يُعدُّون الجنازةَ
وانتخاب المقصلةْ

أَنا أحمدُ العربيُّ – فليأتِ الحصار
جسدي هو الأسوار – فليأت الحصار
وأنا حدود النار – فليأت الحصار
وأنا أحاصركم
أحاصركم
وصدري بابُ كُلِّ الناس – فليأت الحصار
لم تأتِ أغنيتي لترسم أحمد الكحليَّ في الخندقْ
الذكرياتُ وراء ظهري، وهو يوم الشمس والزنبق
يا أيها الولد الموزَّعُ بين نافذتينِ
لا تتبادلان رسائلي
قاومْ
إنَّ التشابه للرمال... وأنتَ للأزرق

وأَعُدُّ أضلاعي فيهرب من يدي بردى
وتتركني ضفاف النيل مبتعداً
وأبحثُ عن حدود أصابعي
فأرى العواصم كُلَّها زبداً...
وأحمدُ يفرك الساعات في الخندقْ
لم تأت أُغنيتي لترسم أحمد المحروق بالأزرق
هو أحمد الكَوَنيُّ في هذا الصفيح الضيِّق
المتمزِّقْ الحالمْ
وهو الرصاص البرتقاليُّ.. البنفسجه الرصاصية
وهو اندلاعُ ظهيرة حاسمْ
في يوم حريّه
يا ايها الولد المكَّرس للندى
قاوِمْ!
يا أيها البلد – المسَدَّس في دمي
قاوِمْ!
الآن أكمل فيك أُغْنيتِي
وأذهب في حصاركْ
والآن أكمل فيك أسئلتي
وأُولد من غبارك
فاذهبْ الى قلبي تجد شعبي
شعوباً في انفجارك

... سائراً بين التفاصيل اتكأت على مياهٍ
فانكسرتُ
أكُلَّما نَهَدَت سفرجله نسيتُ حدود قلبي
والتجأتُ الى حصارٍ كي احدِّد قامتي يا
احمدُ العربيُّ؟
لم يكذب عليَّ الحبُّ، لكن كُلمَّا جاء المساءُ
امتصَّني جرسْ بعيد
والتجأتُ الى نزيفي كي أُحَدّد صورتي يا
أحمد العربيُّ
لم اغسل دمي من خبز أعدائي
ولكن كُلَّما مَرَّت خطاي على طريقِ فرَّت
الطرقُ البعيدةُ والقريبةُ
كُلَّما آخيتُ عاصمةً رَمتني بالحقيبةِ
فالتجأتُ إلى رصيف الحلم والأشعار
كم أمشي إلى حُلُمي فتسبقني الخناجرُ
آه من حلمي ومن روما!
جميلٌ أنت في المنفى
قتيلٌ أنت في روما

وحيفا من هنا بدأتْ
وأحمد سلم الكرملْ
وبسملة الندى والزعتر البلدي والمنزلْ
لا تسرقوه من السنونو
لا تأخذوه من الندى
كتبت مراثيها العيونُ
وتركت قلبي للصدى

لا تسرقوه من الأبدْ
وتبعثروه على الصليب
فهو الخريطةُ والجسد
وهو اشتعال العندليب
لا تأخذوهُ من الحَمامْ
لا ترسلوهُ إلى الوظيفة
لا ترسموا دمه وسام
فهو البنفسجُ في قذيفه
... صاعداً نحو التئام الحلم تَتخّذُ التفاصيل
الرديئةُ شكل كُمثَّرى
وتنفصلُ البلادُ عن المكاتبِ
والخيولُ عن الحقائبِ
للحصى عَرَقٌ. أُقبِّل صَمَت هذا الملح
أعطي خطبه الليمون لليمون
أوقدُ شمعتي من جرحيَ المفتوح للأزهار
والسمك المجفّف
للحصى عَرَقٌ ومرآة
وللحطّاب قلبُ يمامةٍ
أنساكِ أحياناً لينساني رجالُ الأمنِ
يا امرأتي الجميله تقطعين القلب والبَصَل
الطريَّ وتذهبين
وللحصى رئةٌ. وصمتُكِ ذَوَّبَ الليل المحَّنط
فاذكريني قبل أن أنسى يديَّ
وصاعداً نحو التئام الحلمِ
تنكمش المقاعد تحت أشجاري وظلِّكِ...
يختفي المتسلِّقون على جراحك كالذباب الموسميِّ
ويختفي المتفرجون على جراحك
فاذكريني قبل أن أنسى يديَّ!
وللفراشات اجتهادي
والصخورُ رسائلي في الأرض
لا طروادةٌ بيتي
ولا مشَّادةٌ وقتي
وأصعد من جفاف الخبز والماء المصادَرِ
من حصان ضاع في درب المطارِ
ومن هواء البحر أصعدُ
من شظايا أَدْمَنَت جسدي
وأصعدُ من عيون القادمين الى غروب السهلِ
أصعدُ من صناديق الخضارِ
وقُوَّة الأشياء أصعَدُ
أنتمي لسمائَي الأولى وللفقراء في كل الأزّقةِ
ينشدون
صامدون
وصامدون
وصامدون
كان المخَيمَّ جسم أحمدْ
كانت دمشق جفون أحمد
كان الحجاز ظلال أحمد
صار الحصارُ مرور أحمد فوق أفئدة الملايين
الأسيرة
صار الحصار هجوم أحمد
والبحر طلقته الأخيره!

يا خَصْر كُلِّ الريح
يا أسبوع سكره
يا اسم العيون وبارُخاميَّ الصدى
يا أحمد المولود من حجر وزعترْ
ستقول : لا
ستقول : لا
جلدي عباءةُ كلِّ فلاح سيأتي من حقول التبغ
كي يلغي العواصم
وتقول: لا
جسدي بيان القادمين من الصناعات الخفيفةِ
والتردد... والملاحم
نحو اقتحام المرحله
وتقول: لا
ويدي تحيَّاتُ الزهور وقنبله
مرفوعة كالواجب اليوميِّ ضدَّ المرحله
وتقول: لا
يا أيها الجسد المُضَّرَجُ بالسفوحِ
وبالشموس المقبله
وتقول: لا
يا أيها الجسد الذي يتزوج الأمواج
فوق المقصله
وتقول: لا
وتقول: لا
وتقول: لا!

وتموت قرب دمي وتحيا في الطحينِ
ونزور صمتك حين تطلبنا يداكَ
وحين تشعلنا اليراعه
مشت الخيول على العصافير الصغيرةِ
فابتكرنا الياسمين
ليغيب وجهُ الموت عن كلماتنا
فاذهب بعيداً في الغمام وفي الزراعه
لا وقتَ للمنفى وأُغنيتي...
سيجرفنا زحام الموت فاذهب في الزحام
لنُصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين
واذهب الى دميَ المهيّأ لانتشارِكِ
لا وقت للمنفى..
وللصور الجميله فوق جدران الشوارع والجنائز
والتمني
كتبتْ مراثيها الطيورُ وشرَّدتني
ورمتْ معاطفها الحقولُ وجمعتني
فاذهبْ بعيداً في دمي! واذهب بعيداً في الطحين
لنصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين
يا أحمدُ اليوميّ!
يا اسم الباحثين عن الندى وبساطه الأسماء
يا اسم البرتقاله
يا أحمد العاديَّ!
كيف مَحوتَ هذا الفارقَ اللفظيَّ بين الصخر والتّفاح
بين البندقية والغزاله!
لا وقت للمنفى وأغنيتي..
سنذهب في الحصار
حتى نهايات العواصم
فاذهْب عميقاً في دمي
اذهبْ براعمْ
واذهبْ عميقاً في دمي
اذهبْ خواتم
واذهب عميقاً في دمي
اذهب سلالم
يا أحمدُ العربيُّ.. قاومْ!
لا وقت للمنفى وأغنيتي..
سنذهب في الحصار
حتى رصيف الخبز والأمواجِ
تلك مساحتي ومساحة الوطن-المُلازِمْ
موت أمام الحُلْمِ
أو حلم يموتُ على الشعار
فاذهب عميقاً في دمي واذهب عميقاً في الطحين
لنصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين

.. وَلَهُ انحناءاتُ الخريف
لَهُ وصايا البرتقال
لَهُ القصائد في النزيف
لَهُ تجاعيدُ الجبال
لَهُ الهتافُ
لَهُ الزفاف
لَهُ المجلاَّتُ أَلمُلَوَنةُ
المراثي المطمئنّةُ
ملصقات الحائط
أَلعَلمُ
التقدُّمُ
فرقةُ الإنشاد
مرسوم الحداد
وكل شيء كل شيء كل شيء
حين يعلن وجهه للذاهبين إلى ملامح وجههِ
يا أحمد المجهول!
كيف سَكَنْتَنا عشرين عاماً واختفيت
وَظَلَّ وجهك غامضاً مثل الظهيره
يا أحمد السرىّ مثل النار والغابات
أشهرْ وجهك الشعبيَّ فينا
واقرأ وصيتَّكَ الأخيره!
يا أيها المتفرجون! تناثروا في الصمت
وابتعدوا قليلاً عنه كي تجدوهُ فيكم
حنطة ويدين عاريتين
وابتعدوا قليلاً عنه كي يتلو وصيَّتَهُ
على الموتى إذا ماتوا
وكي يرمي ملامحَهُ
على الأحياء إن عاشوا!

أخي أحمد!
وأنتَ العبدُ والمعبود والمعبد
متى تشهدْ
متى تشهدْ
متى تشهدْ
متى تشهدْ


تموز و الأفعى ::: محمود درويش







تموز مرّ على خرائبنا
و أيقظ شهوة الأفعى.
القمح يحصد مرة أخرى
و يعطش للندى..المرعى
تموز عاد، ليرجم الذكرى
عطشا ..و أحجارا من النار
فتساءل المنفيّ:
كيف يطيع زرع يدي
كفا تسمم ماء أباري؟
و تساءل الأطفال في المنفى:
أباؤنا ملأوا ليالينا هنا.. وصفا
عن مجدنا الذهبي
قالوا كثيرا عن كروم التين و العنب
تموز عاد، و ما رأينا
و تنهّد المسجون: كنت لنا
يا محرقي تموز... معطاء
رخيصا مثل نور الشمس و الرمل
و اليوم، تجلدنا بسوط الشوق و الذل
تموز.. يرحل عن بيادرنا
تموز، يأخذ معطف اللهب
لكنه يبقى بخربتنا
أفعى
ويترك في حناجرنا
ظمأ
و في دمنا..
خلود الشوق و الغضب


محمود درويش ::: احن الى خبز







أحن إلى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسةِ أمي
وتكبر فيَّ الطفولة
يوماً على صدرِ يومِ
وأعشق عمري لأنّي
إذا مت
أخجل من دمع أمّي

خذيني، إذا عدت يوماً
وشاحاً لهدبك
وغطّي عظامي بعشبٍ
تعمّد من طهرِ كعبك
.. وشدّي وثاقي
.. بخصلةِ شَعر
بخيطٍ يلوّح في ذيل ثوبك
…………
………..
…………

ضعيني، إذا ما رجعت
وقوداً بتنّور نارك
وحبل الغسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدونِ صلاةِ نهارك
هرمت، فردّي نجومَ الطفولة
حتّى أُشارك
صغار العصافير
.. دربَ الرجوع
.. لعشِّ انتظارك


إ ني خيرتك :::: نزار قباني







إ ني خيرتك .. فاختاري
ما بين الموت على صدري ..
أو فوق دفاتر أشعاري ..
إختاري الحب .. أو اللاحب
فجبن ان لا تختاري ..
لا توجد منطقة وسطى
ما بين الجنة والنار ..
إرمي أوراقك كاملة ..
و سأرضى عن أي قرار ..
قولي انفعلي انفجري
لا تقفي مثل المسمار ..
لا يمكن أن ابقي أبدا
كالقشة تحت الأمطار
إختاري قدرا بين اثنين
و ما اعنفها أقداري ..
مرهقة أنت .. و خائفة
و طويل جدآ .. مشواري
غوصي فى البحر .
أو ابتعدى
لا بحر من غير دوار ..
الحب مواجهة كبرى
ابحار ضد التيار
صلب .. وعذاب .. ودموع
ورحيل بين الاقمار ..
يقتلني جبينك .. يا أمرأة
تتسلى من خلف ستار ..
اني لا اؤمن فى حب
لا يحمل نزق الثوار ..
لا يكسر كل الأسوار
لا يضرب مثل الاعصار ..
إني خيرتك .. فاختاري
ما بين الموت على صدري
أو فوق دفاتر أشعاري
لا توجد منطقة و سطى
ما بين الجنه والنار

كوثـــــــر ::: عمر الفرا










لما الوردة تنشر عطر تحاول إنها تقلد كوثر
لما الصورة تعبر فكر ولما الريشة تكتب شعر

ولما النسمة تمر العصر ولما البسمة تزف البشر
ولما يجهجه وجه الفجر ولما يرتل صوت النهر

الكل يحاول وما بي واحد قادر إنه يماثل كوثر

كوثر تمشي مثل العسكر جسم بحيوية يتعنتر

من أسمى ومن أروع مرمر صافي مثل الحلم مصور
لما تطل تصير الدنيا ديناميت مجهز يتفجر

كل ورود العاصي ارتاحت فوق خدود الحلوة كوثر
شمس المغرب قبل المغرب تاخذ منها اللون وتحمر
مهما نصور مهما نعبر مهما نفكر كوثر أكثر

شلون الدانة نفتش عنها بكل خلجان البحر الأحمر كوثر أندر
شلون الطعم يخلي اللغم بلحظات جنونه يتفجر لفتة كوثر حتما أخطر

كوثر أسطورة تتسطر تمحي كل أسطورة وتكبر
يصير العالم مثل الخاتم وباب دروب الدنيا مسكر

يذوب القلب وأترجاه اتصبر يا هالقلب اتصبر
بأحد أيام الشهر الماضي الصبح تنفس هادي وراضي

ولما شموع الضو اشتدت ولما خيوط الشمس امتدت
صحيت كوثر من غفلتها ردتها بإيديها ارتدت

شافت شارات بإيديها تحت الجلد بلون معصفر
بحجم الليرة وأكبر أصغر عدتها بسهولة انعدت

خافت قامت لمرايتها انشدهت من شافت طلتها
الخدود اللي رواها الدم خطف الدم اللون الأصفر

شو اللي تغير شو اللي تحول الدنيا تلف وكل شي تبدل
صارت كوثر تسأل تذبل فلة وعطشت وجف المنهل

ضجت والدها طالبها تتوسل تطلب من ربها
علتها مشكلة العصر الكون يعاني من هالقهر

لغز محير كل الناس مشكل بالعالم وسواس
بلا تفصيل وبلا عنوان نعالجها بزرع النسيان

نستنى تمر الأيام وأفضل حل الاستسلام
عرفت كوثر إنها تعيش بعالم منسوج بأوهام

كم خطوة ويخلص مشوار العمر اللي مر بآلام
العلة معناها ومغزاها حكم وتنفيذ الإعدام

ولما العالم مافهموها سموها مرض السرطان
بهتت كوثر عصب تحطم سكتت ولا كلمة تتكلم

نظرات تشرق وتغرب بالصمت تعاني وتتألم
حست إنها تسمع قصة لاتفهمها ولا تترجم

ومرت ساعة وتارة تسأل على حاضرها وعالمستقبل
صارت تسأل وين العلماء بعالمنا اللي ماردوا شر السرطان

هذا اللي يتململ بينا ويتلوى مثل الثعبان
توصلنا كل يوم أخباره فجع فلان وصرع فلان

يترك بيت ويدخل بيت ولا رادع إلا الرحمن
والعلماء تعيش هموم بتصنيع سلاح الشيطان

شاغلهم أسهل أسلوب بكيفية قتل الإنسان
كوثر عزمت إنها تعيش بالتصميم وبالإيمان

اتخذت موقفها عالفور وشدت همتها بالزور
لاحدا يعرف عمر الثاني ولاحدا يعرف وين الدور

ويمكن إنها تعيش وتبقى أكثر من عمر الدكتور
ولازم إنها تعيش وتبقى رغم العلم ورغم المخبر

همتها تشفي علتها وعند الشدة الله أكبر
عرفت إنه مامن مهرب الصبر الصح وكل شي مقدر

سكتت بلعت غصة ارتاحت شربت مية وعصب تخدر
وسمت بسم الله وقالت إنا أعطيناك الكوثر





الحديقة النائمة ::: محمود درويش






*
سرقت يدي حين عانقها النوم ،
غطّيت أحلامها ،
نظرت إلى عسل يختفي خلف جفنين،
صلّيت من أجل ساقين معجزتين ،
إنحنيت على نبضها المتواصل،
شاهدت قمحا على مرمر ونعاس،
بكت قطرة من دمي
فارتجفت…
الحديقة نائمة في سريري .
ذهبت إلى الباب ،
لم التفت نحو روحي التي واصلت نومها
سمعت رنين خطاها القديم وأجراس قلبي
ذهبت إلى الباب
مفتاحها في حقيبتها
وهي نائمة كالملاك الذي مارس الحب -
ليل على مطر في الطريق ، ولا صوت يأتي
سوى نبضها والمطر .
ذهبت إلى الباب ،
يفتح الباب،
أخرج .
ينغلق الباب.
يخرج ظلي ورائي .
لماذا أقول وداعا ؟
من الآن صرت غريبا عن الذكريات وبيتي.
هبطت السلالم ،
لا صوت يأتي
سوى نبضها والمطر
وخطوي على درج نازل
من يديها إلى رغبة في السفر .
وصلت إلى الشجره
هنا قبلتني
هنا ضربتني صواعق من فضة وقرنفل .
هنا كان عالمها يبتدىء
هنا كان عالمها ينتهي .
وقفت ثواني من زنبق وشتاء ،
مشيت ،
ترددت ،
ثم مشيت ،
أخذت خطاي وذاكرتي المالحه
مشيت معي .
لا وداع ولا شجره
فقد نامت الشهوات وراء الشبابيك ،
نامت جميع العلاقات ،
نامت جميع الخيانات خلف الشبابيك ،
نام رجال المباحث أيضا ..
وريتا تنام … وتوقظ أحلامها .
في الصباح ستأخذ قبلتها ،
وأيامها ،
ثم تحضر لي قهوتي العربية
وقهوتها بالحليب .
وتسأل للمرة الألف عن حبّنا
وأجيب
بأني شهيد اليدين اللتين
تعدان لي قهوتي في الصباح .
وريتا تنام … تنام وتوقظ أحلامها
نتزوج?
نعم .
- متى ؟
حين ينمو البنفسج
على قبعات الجنود .
طويت الأزقة ، مبنى البريد ، مقاهي الرصيف ، نوادي
الغناء ، وأكتشاك بيع التذاكر .
أحبّك ريتا . أحبّك . نامي وأرحل
بلا سبب كالطيور العنيفة أرحل
بلا سبب كالرياح الضعيفة أرحل
أحبّك ريتا .أحبّك . نامي
سأسأل بعد ثلاثة عشر شتاء
سأسأل :
أما زلت نائمة
أم صحوت من النوم …
ريتا ! أحبّك ريتا
أحبّك …



من عالم القطط ::: مظفر النواب






ريح سوداء تزمجر
اوساخ تتطاير
قطة عشق في الشارع تنظرالليل
تكشف عن فخذ و تغطي
ستر الله علينا و على القطة بالذيل
تستدعى للمخفر
ينكحها القسم المختص بتدعيم بنانا التحتية
ثمة قسم للإخصاء الوطني الممتاز
و شاهدت القطة من كوة زنزانتها قطا و طنيا ينفخ
فوق القنينة مكتوب :
غاز الدولة
ولولت المسكينة في جزع
وطني حبيبي . . . و طني الاكبر . . . يوم ورة يوم . . .
و القطة تنتحب
فقدت سنين خلال التعذيب
و قيل لها
ان المنفوخ يقول انتخب المأمور و اما الناس فلم ينتخبوا
كيف انتخب المأمور ؟
هذا عجب
دون في المحضر :
لم يعترف المنفوخ
و ارسل للطب العدلي يشرح
كيف و قد خرج الغاز الوطني الفاخر من أذنيه و منخاريه و لم يتكلم
دون في المحضر ايضا :
ان القطة قد بقيت صامدة يومين و ان قطع الذنب
سعل المأمور من السروال
و قالت توراة التحقيق :
و كان الجلاد له شنب . . . طار و عاد الى موقعه الشنب
اي سعال هذا ؟
ماذا اكل المأمور ؟
ماذا نكتته ؟
مادام السلطة في السلطة فالـ ضرطات لها رتب
بعض الموالين
اعترفوا ان القطة في الاصل بلا ذنب
ذنب ذنب . . . رتب رتب . . . عجب عجب
انتخب المأمور
و اما الناس فلم ينخبوا
شرب الناس و ما كان هنالك ماء لكن شربوا
هل عطش الناس ؟
نعم عطشوا
هل شرب الناس ؟
نعم شربوا
هل طرب الناس ؟
نعم طربوا

في تلك الليلة من شهر شباط القارص
عطر ابطيه الجلاد
تأنق في كل ملابسه التحتانية
زجج حاجبه الحيواني و نام بزوجته
لا يمكن اطلاقا
عبثا حاول لا يمكن لا يمكن اطلاقا
بقي ( الشيء ) !!!! كما ذنب القطة ينسحب !!!!
عض على اصبعه
حاول ان يفتل شاربه
عبثا لا ينتصب !!!
حارب ميمنة
قاتل ميسرة
عنتر عنترة
مزق ضرب شرط
هيهات
فما بالشارب من روح عطب
شاهد في الحلم ذيولا و افاعي ميتة و حمار يخصى ان انينا
يقطع والله نياط القلب
لعل عذاب القطة يا مأمور هو السبب

هب نسيم الصبح رخيا
لم يك في الشارع الا حاوية الزبل
و هر هرم
لاحظ ان القطة تخرج من باب المخفر في قهر
ترك الافطار الفخم
عدل جلسته و اطال خيوط شواربه
يستطلع اخبار الساعة
حاول ان يتسلق حاوية الزبل ولكن
خانته الركب
اغمض احدى عينيه و حدق بالاخرى ثانية
و تعوذ بالله :
محال – لا يمكن هذا
ليس لها ذنب يستر ما حرمه الله
دنى حذرا
قال :
ميو سيدتي
بقيت مطرقة و تمنت ان تنشق الارض لكي تبلعها
اما الهر فكرر و الشبق الشرقي بعينه :
ميو ؟
- ذنبي يا شيخ
لقد قطعوا ذنبي
اولاد خوات الكلب
اييي – ميو لله – ميو لله
له الحمد – له الشكر
هنالك من ذنب ركب في جبهته
او زود و اختفت الاثار
سلامة رأسك سيدتي
و التفت الهر رأى الجلاد يفتش افراد الصف
و شاربه كصياح الديك المخصي
تمايل هر الجن – تملكه الطنب :
تلك علامات الساعة
ذلك ما قالته الكتب
اعوذ برب الخلق اختبئي
فالجلاد اتى يقترب
مر الجلاد حزينا
اطلق لحيته
لا يرفع عينيه عن الارض
و في مشيته عطب
( اللهم انا لا اشمت )
قال الهر و سار امام الجلاد و ابرز اشياء فحولته
لا ينقصه الان سوى السيجار الكوبي و بعض التنظيرات
ليأخذ شكل القادة
استعرض ميمنة و تمايل ميسرة
و يقال احتك بسروال الجلاد :
مييو وااه
مييو وااه
ميو !!
ركب الجلاد الخبل
افرغ في الشارع كل مسدسه
قتل الهر
عليه الرحمة
و الصحف الرسمية قالت لم يقتل
وافاه الاجل
الصقت النعية بالحيطان و بالابواب و في حاوية الزبل
لقد دهس المغفور له
في ريعان صباه
رئيس نقابة جرذان الزبل نعاه
و توالى الخطباء المختصون بتأبين الاموات
و صاحت قطط الحارة : واا هرّااه
ناحت واحدة :
عوقب مأمور السجن بترفيع شواربه
يا ويلاه
رحم الله الهر دفناه
و يقام عزاء في حاوية الحارة انشاء الله !



شعر و قصائد نزار قباني ::: الدفتر




سيدتي ! عندي في الدفتر
ترقص آلاف الكلماتِ
واحدة .. في ثوب أصفر
واحدة في ثوب أحمر
يحرق أطراف الصفحاتِ
أنا لست وحيدًا في الدنيا
عائلتي .. حزمة أبياتِ
أنا شاعر حب جوال
تعرفه كل الشرفاتِ
تعرفه كل الحلواتِ
عندي للحب تعابير
ما مرت في بال دواةِ
الشمس فتحْتُ نوافذها
وتركتُ هنالك مرساتي
وقطعتُ بحارًا .. وبحارًا
أنبش أعماق الموجاتِ
أبحث في جوف الصدفاتِ
عن حرف كالقمر الأخضر
أهديه لعينيّ مولاتي

سيدتي ! في هذا الدفتر
تجدين ألوف الكلماتِ
الأبيض منها .. والأحمر
الأزرق منها .. والأصفر
لكنكِ يا قمري الأخضر
أحلى من كل الكلماتِ
أكبر من كل الكلماتِ



-------------------------------------

قصائد نزار قباني

قصائد نزار قباني

اغضب كما تشاءُ
واجرح أحاسيسي كما تشاءُ
حطم أواني الزهر والمرايا
هدد بحب امراءةٍ سوايا
فكل ماتفعله سواءُ
وكل ماتقوله سواءُ
فأنت كالأطفال ياحبيبي
نحبهم مهما لنا اساؤا
اغضب فأنت رائعا حقاً متي تثور
اغضب فلولا الموج
ماتكونت بحور
كن عاصفاً
كن ممطراً
فإن القلب دائما غفور
اغضب
فلن أجيب بالتحدي
فأنت طفلٌ عابث ملجئه الغفور
وكيف من صغارها تنتقم الطيور
اذهب إذا يوما مللت عني
واتهم الأقدار واتهمني
أما أنا فساكتفي بدمعتى وحزني
فالصمت كبرياء
والحزن كبرياء
اذهب إذا أتعبك البقاء
فالأرض فيها العطر والنساء
وعندما تحتاج كالطفل الي حنان
فعد الي قلبي متي تشاء
فانت في حياتي الهواء
وأنت عندي الارض والسماء
اغضب كما تشاء
لابد أن تعود يوما
وقد عرفت ماالوفاء

مذكرات رجل مجهول ::: عبد الوهاب البياتي





8 نيسان

أنا عامل , ادعى سعيد
من الجنوب
أبواي ماتا في طريقهما الى قبر الحسين
و كان عمري آنذاك
سنتين - ما اقسى الحياة
و أبشع الليل الطويل
و الموت في الريف العراقي الحزين -
و كان جدي لا يزال
كالكوكب الخاوي , على قيد الحياة

19 شرين 2
الليل في بغداد , و الدم و الظلال
ابداً , تطاردني كأني لا ازال
ظمآن عبر مقابر الريف البعيد و كان انسان الغد الآتي السعيد
انسان عالمنا الجديد
مولاي ! يولد في المصانع و الحقول


30 تشرين 1
مولاي ! أمثالي من البسطاء لا يتمردون
لأنهم لا يعلمون
بأن أمثالي لهم حق الحياة
و حق تقرير المصير
و ان في أطراف كوكبنا الحزين
تسيل أنهار الدماء
من اجل انسان , الغد الآتي , السعيد
من اجلنا , مولاي انهار الدماء
تسيل من اطراف كوكبنا الحزين

29 أيلول
ما زلت خادمك المطيع
لكنه علم الكتاب
و ما يثير برأس أمثالي من الهوس الغريب
و يقظة العملاق في جسدي الكئيب
و شعوري الطاغي , بأني في يديك ذبابة تدمى
و أنك عنكبوت
و عصرنا الذهبي , عصر الكادحين
عصر المصانع و الحقول
ما زال يغريني , بقتلك أيها القرد الخليع



25 آب
و هجرت قريتنا , و أمي الأرض تحلم بالربيع
و مدافع الحرب الأخير , لم تزل تعوى , هناك
ككلاب صيدك لم تزل مولاي تعوي في الصقيع
و كان عمري آنذاك
عشرين عام
و مدافع الحرب الأخير لم تزل .. عشرين عام
مولاي … ! تعوى في الصقيع


13 تموز
و مات جدي , كالغراب , مع الخريف
كالجرذ , كالصرصور , مات مع الخريف
فدفنته في ظل نخلتنا و باركت الحياة
فنحن , يا مولاي , نحن الكادحين
ننسى , كما تنسى , بأنك دودة في حقل عالمنا الكبير


16 حزيران
اني لأخجل أن أعري , هكذا بؤسي , أمام الآخرين
و أن أرى متسولاً , عريان , في أرجاء عالمنا الكبير
و أن أمرغ ذكرياتي في التراب
فنحن , يا مولاي , قوم طيبون
بسطاء , يمنعنا الحياء من الوقوف
أبداً على أبواب قصرك , جائعين


13
مارس
أعرف معنى أن تكون ؟
متسولا , عريان , في أرجاء عالمنا الكبير !
و ذقت طعم اليتم مثلى و ضياع ؟
أعرف معنى أن تكون ؟
لصاً تطارده الظلام
و الخوف عبر مقابر الريف الحزين


شعر و قصائد نزار قباني ::: يا شهرزادْ




يا شهرزادْ

جئناك من أقصى الحكايةْ

من أخمص الأشلاء في أحلامنا

حتى احتضار النور ما بين السطورْ !!

يا قصةً كنَّا محونا حرفها

من يوم أغلقنا المدى برمادنا

حتى اكْترينا التيهَ من أسمالِ حفّار القبورْ

ومضتْ بنا أصداؤنا ونما الهباءْ

وتدثَّرتْ أسماؤنا موت الرحيقْ

حتى استباحتْ مدَّنا وقضى عليها السيلُ واندثر العبورْ

واستنفر الموتُ المسافةَ معلناً أنّا سنقترف العراءْ

أنََّا سنغرفُ إفْكه دون انتهاءْ !!
!!

نصوص و قصائد محمود درويش ::: أيها المارون بين الكلمات العابرة




ـ 1ـ
أيها المارون بين الكلمات العابره
احملوا اسماءكم، وانصرفوا
واسرقوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكره
وخذوا ما شئتم من صور ، كي تعرفوا
انكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من ارضنا سقف السماء
ـ2ـ
أيها المارون بين الكلمات العابره
منكم السيف ـ ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار ـ ومنا لحمنا
منكم دبابة اخرى ـ ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز ـ ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص.. وانصرفوا
وعلينا ، نحن ، ان نحرس ورد الشهداء
وعلينا ، نحن ، ان نحيا كما نحن نشاء!
ـ 3ـ
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كالغبار المر ، مروا أينما شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا في ارضنا ما نعمل
ولنا قمح نربيه ونسقيه ندى اجسادنا
ولنا ما ليس يرضيكم هنا:
حجر .. او خجل
فخذوا الماضي، اذا شئتم، الى سوق التحف
واعيدوا الهيكل العظمى للهدهد، إن شئتم،
على صحن خزف.
فلنا ما ليس يرضيكم : لنا المستقبل
ولنا في ارضنا ما نعمل
ـ4ـ
أيها المارون بين الكلمات العابره
كدسوا اوهامكم في حفرة مهجورة ، وانصرفوا
واعيدوا عقرب الوقت الى شرعية العجل المقدس
أو الى توقيت موسيقى مسدس!
فلنا ما ليس يرضيكم هنا ، فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم، وطن ينزف شعبا ينزف
وطنا يصلح للنسيان او للذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابره
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم ، ولكن لا تموتوا بيننا
فلنا في ارضنا ما نعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الاول
ولنا الحاضر، والحاضر ، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا... والآخرة
فاخرجوا من أرضنا
من برنا.. من بحرنا
من قمحنا.. من ملحنا.. من جرحنا
من كل شيء ، واخرجوا
من مفردات الذاكره
أيها المارون بين الكلمات العابره

السبت، 1 مايو 2010

شعر و قصائد نزار قباني ::: لا تكوني عصبيه






لا تكوني عصبيه!!
لن تثيريني بتلك الكلمات البربريه
ناقشيني بهدوءٍ ورويه
من بنا كان غبياً؟
يا غبيه..
إنزعي عنك الثياب المسرحيه..
وأجيبي..
من بنا كان الجبانا؟.
من هو المسؤول عن موت هوانا؟.
من بنا قد باع للثاني.. القصور الورقيه؟
من هو القاتل فينا والضحيه؟.
من ترى أصبح منا بهلوانا..؟
بين يوم وعشيه؟

إمسحي دمع التماسيح..
وكوني منطقيه..
أزمة الشك التي نجتازها
ليس تنهيها الحلول العاطفيه..
أنت نافقت كثيرا…
وتجبرت كثيرا..
ووضعت النار في كل الجسور الذهبيه
أنت منذ البدء ، يا سيدتي
لم تعيشي الحب يوماً.. كقضيه
دائماً. كنت على هامشه..
نقطةً حائرةً في أبجديه..
قشةً تطفو..
على وجه المياه الساحليه.
كائناً..
من غير تاريخٍ.. ومن غير هويه..
لا تكوني عصبيه!
كل ما أرغب أن أسأله.
من بنا كان غبياً…
يا غبيه؟



هذه أول قصيده شارك بها تميم فى مسابقة أمير الشعراء خفقان قلب خفقان قلب خفقان قلب .......... قفي ساعةً يفديكِ قَوْلي وقائِلُهْ............