الجمعة، 29 أكتوبر 2010

سميح القاسم :::: شعبي حَيّ





سميح القاسم :::: شعبي حَيّ









كَذَبَ زَعمُ الزاعم أنك صفحة تاريخ مطويّة

خَرَصٌ قول الشانيء إنك مسكون بالموت


حيّ أنت

حي في ساعد عامل

حي في جبهة فلاح

حي في عزم مقاتل


يغزل من أوردة الليل الرابخ أوردة لصباح ..

كذب زعم الزاعم أنّك مسكونٌ بالموت


يا شعبي

حيٌّ حيٌّ أنت ..


يَدُك المرفوعة في وجه الظالم

راية جيل يمضي

و هو يهز الجيل القادم :

" قاومتُ .. فقاوم ! "


صوتُك يا شعبي أغنيتي الشعبيّة

من بيت تمتد إلى بيت

و تزلزل جدران سجون القاتل و السارق













بطاقة عادية في يوم غير عادي :::: أحلام مستغانمي







اشتقت إليك

تدفعني أفراح الآخرين إليك

اليوم صباح عيد، وأنا أصبحت أخاف الفرح

لأننا نصبح أنانيين عندما نفرح

يجب أن أحزن قليلاً كي أظلّ معك

ثم إنّ الفرح لا يلهمني

وأنا أريد أن أكتب شيئاً على ورق مدرسي

أكره أن أترك كلماتي على البطاقات المستوردة للاعياد

أشكالها الفرحة.. تعمّق حزني.

***

لو كتبت لك بطاقة في بداية هذه السنة لقلت:

"لأنك...

ولأنني...

أتمنى أن..."

وكان لا بدّ أن تملأ أنت الفراغ..

أؤمن أن مهمة الرجل ملء الفراغ

الفراغ الأرضيّ

الفراغ الكونيّ

الفراغ في قلب امرأة

الفراغ في جسمها

***

يحدث أن أمتلئ بك..

يوم حدث هذا وضعت حدّاً للحزن المسالم

وبدأت أجمع صور الشهداء

يوم حدث هذا.. قلت أنك قادر على إمتلاكي

الآن ترحل.

...

كنت رصيف فرح

الآن يجب أن أتعوّد الوقوف على أرصفة أخرى

سأذكرك

تعلّمت معك أن أعود إلى طفولتي

أن أحبّ البسطاء

أن أرتب خريطة هذا الوطن

وأقف في صفّ الفقراء

حذاء الشاعر :::: محمد الصغير أولاد أحمد





على شاكلة عصا المارشال وغليون تروتسكي وأذن فان خوخ وبغلة الأصفهاني وسجون أبي العلاء الثلاثة وكاميرا سامي الحاج وخاتم سليمان ووعد بلفور…وهكذا دواليك إلى أن تضيع حياتك سبهللا أو تفتكها منك إحدى العصابات الجوالة على طول الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط…
[ انتهى العنوان الفرعي وبإمكان النص أن يشرع في تحرير نفسه من نفسه بنفسه ] .


أوردت وكالات الأنباء الآسيوية أن طالبا يتأهّب لاجتياز شهادة الماجستير اعتدى على أستاذه في مادة الشّعر مستعملا في ذلك فردة حذائه اليمنى، وكتاب الشعر للفيلسوف الإغريقي أرسطو، وأظافره الطويلة العشرة، وبيضتين مسلوقتين كان قد لاحظ وجودهما في محفظة إحدى زميلاته المعروفة بكثرة إتيانها للأكل أثناء تلقي المعارف بجميع صنوفها وخصوصا منها تلك المتعلقة بعلم الجمال.
وفيما وصف عميد الكلية هذا السلوك بـ"المتهوّر" واللاّ أخلاقي"والسافل و"النثري" متّهما أولياء طلاّب آسيا كلّها بالتقصير في تربية أبنائهم حسب تعاليم كونفشيوس وبوذا، قال الأستاذ المتضرر وهو يخفي عن المصوّرين مزق قميصه وبنطاله:
-"لم أكن أتصور أن يبلغ حبّ الشعر بهذا الطالب حدّ تعنيفي جهارا أمام الله والطلبة.
وأضاف وكأنه يلوم نفسه:
-" لقد كان أكثر لياقة بي أن لا أستعمل أي نعت شائن بخصوص أي شاعر أدرّسه.. وأن ألتزم الموضوعية، والحياد، والبرودة العلمية المنصوح بها في حرفة التدريس.. وإن كنت لا أرى لها فضلا على مقاربة الشعر وفهم الشعراء".
والجدير بالذكر أن الشاعر الآسيوي، موضوع الدّرس ودافع الحادثة، كان قد تحصّل على جائزة نوبل للآداب في النصف الأوّل من القرن العشرين، بتنويه خاص من الأكاديمية السويدية، الكائنة قرب بار صغير من خشب الصنوبر، كان الكاتب الايرلندي الشهير جيمس جويس قد اختفى بين قواريره وحسانه، تاركا للجنة الجائزة ولشرطة مملكة السويد حريّة البحث عنه في جميع خمّارات ستوكهولم لتسليمه هو الآخر جائزة السيد ألفريد نوبل: مخترع الديناميت.
وواصلت وكالات الأنباء تحليلها للخبر:
- لقد فقد التلميذ المعتدي السيطرة - كليّا- على أعصابه عندما أعاد الأستاذ التأكيد على أن هذا الشاعر "محدث" و"تافه" و"ابن عاهرة معروفة بكثرة اصطيادها للبيض من الرجال في أسواق آسيا الصفراء".
وزاد الأستاذ فبصق على ما تصوّره وجع الشاعر، فإذا بالبصقة تخطئ هدفها (مثلما تخطئ المناهج النقدية القصائد الشعرية) وتقع على خدّ طالبة جميلة كانت جالسة قبالته في الصفّ الأوّل تبيّن، عند التحقيق معها، إنّها ابنة وزير الفلاحة والصيد البحري.
وأضافت الأنباء:
- إن الشاعر، موضوع الحادثة قد تعهّد - بعد أن بلغه انتصار الطالب له- بمداواة الأستاذ المتضرر على حسابه الخاص في إحدى مصحّات الإمبراطورية الانجليزية، كما تعهّد بتدريس الأستاذ بعض بداهات عالمه الشعري مقابل أن يعترف هذا الأخير بإطلاق جهله للشعر والحياة والوجود وبفضل الشعر والشعراء على نوعية حياته الباذخة.. هكذا دون أيّة فضيلة أو كرامة أو عبقرية!!
وقد شاء الشاعر أن يوضّح للأستاذ أن أمّه لم تكن عاهرة بل قضّت كامل حياتها تستسقي سماء عبوسا لا رحمة فيها، وتوفر له لقمة العيش حتى يتماسك ويكتب، غير أن الجنود الانجليز شرعوا في إطلاق النّار على المارّة الذين شوّشوا عليهم فرحتهم بعيد ميلاد السيد المسيح.
لم توضّح وكالات الأنباء المصير الذي آل إليه الطّالب بعد اعتدائه بالعنف السافر على الأستاذ.
وبكثير من الحذر أوردت ثلاثة احتمالات قالت إنها "مجرد احتمالات"…
أمّا الاحتمال الأوّل فهو أن الطالب تم طرده من دراسة مادة الشعر.
وأمّا الثاني فهو أن الطالب تمّ طرده من دراسة اللّغة.
وأمّا الثالث فهو أن الطالب تمّ طرده من بيته ومن قريته ومن بلاده التي تمّ - بسرعة عجيبة- إثبات أنّها ليست بلاده.
عند هذا الحدّ من هذه الحكاية المشوقة التي حدثت وقائعها في النصف الأول من القرن العشرين، طلب مدير وكالة أنباء آسيا الكلمة فأسندت له على الفور، قال:
- إن هذه الحكاية قد تمّ إخفاء تفاصيلها في رفوف الجامعة لمدة تقارب الخمسين عاما، وإنه لشرف لإعلام آسيا أن يقع مسح الغبار عنها من قبل ابن الطالب المعتدى الذي تمكن البارحة من الإحراز على شهادة الماجستير وهو يناقش السؤال المتعلق بجدّه:
- لماذا يجد الطالب نفسه مجبرا على ضرب أستاذه؟
دون أن يتجاوز أخلاقيات البحث الأكاديمي ويطرح السؤال الآخر الأكثر دسا و ملاءمة وشؤما:
- لماذا لا يضرب الطالب أستاذه؟!!
ولعل إحجامه عن طرح مثل هذا السؤال الاستطرادي هو الذي كان وراء تنويه اللجنة بفكره الجمهوري وبازدرائه للمقاربات القبلية لمشاكل العصر.
ملاحظة:
إن أي تماس بين هذا النص وبين الشريط السينمائي، حلقة الشعراء المفقودين، هو من باب الصدفة أو من شباك القصد، ولعله من كوة العراء أو من عدسة الأساليب المرحة.



www.alawan.org

هما مين :::: أحمد فؤاد نجم








هما مين و إحنا مين ...

كلمات الشاعر : أحمد فؤاد نجم
غناء : الشيخ إمام


هما مين و إ حنا مين .. ؟

هما الأمرا و السلاطين ..

هما المال و الحكم معاهم ..

و إحنا الفقرا المحرومين

حزر فزر شغّـل مخك

شوف مين فينا بيحكم مين ؟!!

..............

إحنا مين و هما مين ..

إحنا الفعلا البنايين

إحنا السنة و إحنا الفرض

إحنا الناس بالطول و العرض

من عافيتنا تقوم الارض ..

و عرقنا يخضر بساتين

حزر فزر شغل مخك

شوف مين فينا بيخدم مين ..؟؟!!

................

هما مين و إحنا مين ؟؟

هما الامرا و السلاطين

هما الفيلا و العربية

و النساوين المتنقية

حيوانات استهلاكية

شغلتهم حشو المصارين

حزر فزر شغل مخك

شوف مين فينا بياكل مين ..؟؟!!!

....................
إحنا مين و هما مين

إحنا قرنفل على ياسمين

إحنا الحرب : حطبها و نارها

و إحنا الجيش اللي يحررها

و إحنا الشهدا بكل مدارها

منكسرين أو منتصرين

حزر فزر شغل مخك

شوف مين فينا بيقتل مين ..؟؟!!!

................


هما مين و إحنا مين

هما الامرا و السلاطين

هما مناظر بالمزيكا

و الزفة و شغل البوليتيكا

و دماغهم طبعاً استيكا

بس البركة بالميازين

حزر .. فزر شغل مخك

شوف مين فينا بيخدع مين ..؟؟؟!!!

.....................

هما مين و إحنا مين

هما الامرا و السلاطين

هما بيلبسوا أخر موضة

و إحنا بنسكن سبعة في أوضة

هما بياكلوا حمام و فراخ

و إحنا الفول دوخنا و داخ

هما بيمشوا بطيارات

و إحنا نموت بالاوتوبيسات

هما حياتهم بامب جميلة

هما فصيلة و إحنا فصيلة






أولاد أحمد :::::: دعـــاء ثوري







أولاد أحمد :::::: دعـــاء ثوري




إلهي:
أَعنّي عليهمْ
لقد عقروا ناقتي
وأباحوا دمي في بيوتٍ أذِنْتَ بأن لا يُراقُ دمٌ فوق سُجَّادِها!
***

إلهي:
أعوذ ُ بك الآن من شرِّ أهلي
يبيعون خمْرًا رديئا ً
ويُؤذونَ ليلَ السَّكَارى البريءْ!
***

إلهي:
لقد تمَّ بيعُ التذاكِرِ للآخرهْ
ولم أجد المال، والوقتَ، والعُذرَ
كي أقتني تذكرهْ
فمزق تذاكرهمْ يا إلهي
ليسعدَ قلبي
ألم تعد الناس بالمغفرهْ
***

إلهي:
أريدُ جرادًا لكلّ الحقول ِ
ومحوِ جميع النقاطِ
وقحطا لكلّ الفصول ِ
وطيْرًا أبابيل للإحتياط!
***

صدَقتَ إلهي:
إنّ الملوكَ – كما الرُّؤساءُ –
إذا دخلوا قرية أفسدوها
فخرِّبْ قُصور الملوكِ
ليَصلُحَ أمرُ القرى
***

إلهي،
حبيبي
ويا سنَدي
نشرتُ كتابًا جديدًا
فبعْهُ بلا عددِ
***

إلهي:
لينبُتَ دودٌ مكانَ البلَحْ
ذهبنا جميعا إلى الإنتخابِ
ولم ينتخبْ أحدٌ مَنْ نَجَحْ!
***

إلهي:
أدُلكَ فورا عليْها
على شفتيْها
على حلْمتيها
على إسمهَا العائلي
على شَعرِها العسلي
على ما تقولُ ولا تفعلُ
إلهَ السماءْ:
أضِفها إلى سُورة الشعراءْ!
***

إلهي:
إلهي السّجينَ لدى الأنبيـاءْ
إلهي السّجينَ لدى الخـُلفاءْ
إلهي السّجينَ لدى الأمراءْ
إلهي السّجينَ لدى الرؤساءْ
إلهي السّجينَ لدى الوزراءْ
لماذا نزلتَ إلى أرضِهمْ؟
وأسْكنتنِي غيْمةً في السّماءْ!
***

إلهي:
سَمِعْتُ تُـقاة ً يقولونَ عنكَ كلاما مُخيفـًا
فحادفتهمْ بالكتابِ استوى حيّة ً لدغتهمْ جميعـًا
وعادت كتابـًا
إلهي العليْ:
ألا يُمكنُ القولُ إنّي نَبيْ.

أصدق ما كتبت :::: عبد الرحمن بن مساعد




أصدق ما كتبت :::: عبد الرحمن بن مساعد




انتي .. تدرين من انتي ؟!
تدرين انك لي غديتي كل شي
وانك غديتي شمس ليلي وفي الهجير الفي
وانك اصدق ماكتبت
وانك احزاني وفرحي .. لاضحكت اوانجرحت
وانك غديتي ياعذابي اغلى من حبك علي
قبل أحبك .. يا ما كذبني القصيد
وبعد حبك .. صار يكتبني القصيد
هو يوصفك بسمة وطرف
وأنا اعشقك في كل حرف
منك شكالي .. وصف حسنك اتعبه
وانا شكيتك .. وعشقي لحبك اعجبه
ومهما شكى ومهما وصف
انتي احلى ماكتبت .. انتي اصدق ماكتبت
وانتي احساسي وجرحي .. لاضحكت وانجرحت
وانك غديتي يا عذابي اغلى من حبك علي
تدرين من انتي .. !!

القواد الفصيح ::::: أحمد فؤاد نجم












القواد : سلمى يا عزيزة على الأستاذ

فنان اليوم و المستقبل

محمود محمود محمود الباز

بنتي السنيورة الأمورة

على فكرة بترقص ممتاز

ارقصي يا عزيزة ما تنكسفيش

محمد بقى منا خلاص و لا فيش

يا عزيزة النيزة كوا النيزه

كان ممكن تطلعي مركيزة

المطيباتية : تكي تم تكي تم تكي تم تم تم

الرقص النقص

يزيح الهم

تكي تم تكي تم تكي تم تم تم

و يمشي الحال

و يجري الدم

تكي تم تكي تم تكي تم تم تم

****

القواد : على فكره يا كابتن محمود

و برغم الكبت الموجود

انا راجل ثوري و متحرر

و عزيزة بتلعب ع العود

إلعبي يا عزيزة ما تنكسفيش

محمود بقى منا خلاص و لا فيش

يا عزيزة النيزه كوا النيزه

كان لازم تطلعي مركيزه

*****

المطيباتية : ترى لم ترى لم ترى لم لم لم

العود النود

بيزيح الهم

ترى لم ترى لم ترى لم لم لم

و يخلي القعدة

شهية يا عم

ترى لم ترى لم ترى لم لم لم

القواد : أنا رأيي يا سيد محمود

و برغم الصمت المقصود

انك فنان المستقبل

و نشيد العصر المنشود

قربي يا عزيزة من الاستاذ

محمود مبقاش محمود الباز

محمود بقى منا خلاص و لا فيش

قربي يا عزيزة ما تتأخريش

يا عزيزة النيزة

كوا النيزة

انا رأيي

إنك مركيزة

المطيباتية : هلا لم هلا لم هلا لم لم لم

محمود النود

بقى نازل

هم

هلا لم هلا لم هلا لم لم لم

و عزيزة

النيزة

تحب الهم

هلا لم هلا لم هلا لم لم لم






محمود درويش ::::رسالة من المنفى




-1-

تحيةً . وقبلةً وليس عندي ما أقول بعدْ

من أين أبتدي؟ .. وأين أنتهي؟

ودورة الزمان دون حدْ

وكل ما في غربتي

زوادةُ, فيها رغيفٌ يابسٌ, وَوَجْدْ

ودفترٌ يحمل عني بعض ما حملت

بصقت في صفحاته ما ضاق بي من حقدْ

من أين أبتدي؟

وكل ما قيل وما يقال بعد غدْ

لا ينتهي بضمةٍ.. أو لمسةٍ من يدْ

لا يُرجعُ الغريبَ للديار

لا يُنزلُ الأمطار

لا ينُبتُ الريش على

جناح طير ضائع.. منهدّْ

من أين أبتدي

تحيةً... وقبلةً ... وبعدْ...

-2-

أقول للمذياع... قل لها أنا بخيرْ

أقول للعصفورِ

إن صادفتها يا طيرْ

لا تنسني ,وقلْ : بخيرْ

أنا بخير

أنا بخير

مازال في عيني بصر !

مازال في السما قمر !

وثوبي العتيق, حتى الآن , ما اندثر

تمزقت أطرافهُ

لكنني رتقتهُ... ولم يزل بخير

وصرت شاباً جاوز العشرين

تصوَّريني...صرت في العشرين

وصرت كالشبابِ يا أُماه

أُواجه الحياه

وأحمل العبءَ كما الرجال يحملون

وأشتغل

في مطعم ... وأغسلُ الصحون

وأصنع القهوة للزبون

وأُلصق البسمات فوق وجهي الحزين

ليفرح الزبون

-3-

أنا بخير

قد صرت في العشرين

وصرت كالشباب يا أُماه

أُدخن التبغ , وأتكي على الجدار

أقول للحلوة : آه

كما يقول الآخرون

((يا إخوتي ؛ ما أطيب البنات؛

تصورا كم مُرَّة هي الحياة

بدونهن.. مُرَّة هي الحياة)).

وقال صاحبي: ((هل عندكم رغيف؟

يا إخوتي ؛ ما قيمة الإنسان

إن نام كل ليلةٍ... جوعان؟))

أنا بخير

أنا بخير

عندي رغيف أسمر

وسلة صغيرة من الخضار

-4-

سمعت في المذياع

تحية المشردين.. للمشردين

قال الجميع: كلنا بخير

لا أحدٌ حزين ؛

فكيف حال والدي؟

ألم يزل كعهده ، يحب ذكر الله

والأبناء... والتراب.. والزيتون؟

وكيف حال إخوتي

هل أصبحوا موظفين؟

سمعت يوماً والدي يقول:

سيصبحون كلهم معلمين..

سمعته يقول:

(أجوع حتى أشترى لهم كتاب)

لا أحد في قريتي يفك حرفاً في خطاب

وكيف حال أختنا

هل كبرت... وجاءها خُطَاب.؟

وكيف حال جدتي

ألم تزل كعهدها تقعد عند الباب؟

تدعو لنا ...

بالخير .. والشباب.. والثواب!

وكيف حال بيتنا

والعتْبَةِ الملساء... والوجاق.. والأبواب؟

سمعت في المذياع

رسائل المشردين..للمشردين

جميعهم بخير!

لكنني حزين...

تكاد أن تأكلني الظنون

لم يحمل المذياع عنكم خبراً..

ولو حزين

ولو حزين

-5-

الليل – يا أمّاه- ذئبٌ جائعٌ سفاحْ

يطارد الغريب أينما مضى...

ويفتح الآفاق للأشباحْ

وغابةُ الصفصاف لم تزل تعانق الرياحْ

ماذا جنينا نحن يا أماه؟

حتى نموت مرتين

فمرة في الحياة

ومرة نموت في الحياة

هل تعلمين ما الذي يملأني بكاء؟

هبي مرضتُ ليلةً... وهدَّ جسمي الداء !

هل يذكر المساء

مهاجراً أتى هنا ... ولم يعد إلى الوطن؟

هل يذكر المساء

مهاجراً مات بلا كفن؟

يا غابة الصفصاف ! هل ستذكرين

أن الذي رَمَوْه تحت ظلك الحزين

-كأي شئ مَيِّتٍ - إنسان ؟

هل تذكرين أنني إنسان

وتحفظين جثتي من سطوة الغربان؟

أماه يا أماه .

لمن كتبت هذه الأوراق

أي بريد ذاهب يحملها ؟

سُدَّت طريق البر والبحار والآفاق...

وأنت يا أماه

ووالدي , وإخوتي , والأهل , والرفاق

لعلكم أحياء

لعلكم أموات

لعلكم مثلى بلا عنوان

ما قيمة الإنسان

بلا وطن

بلا عَلَمْ

ودونما عنوان

ما قيمة الإنسان؟


هذا أنا.. :::: محمد الصغير أولاد احمد






هذا أنا.. :::: محمد الصغير أولاد احمد


..هذا أنا

رجلٌ بلا جيش ٍ ولا حربٍ ولا شـُهداءَ.
مُنسجمٌ مع اللاّهوت والناسوتِ والحانوتِ.
لا أعداء لي...
وأشكُّ أنّ قصيدتي مسموعةُ وحكايتي تعني أحدْ!

..هذا أنا

أربُو على الخمسينَ دون مجلـّةٍ. أو ساحة. أو حائطٍ
أبكي عليه (مع اليهود) من العطالةِ في الوجود...
من النكدْ!

..هذا أنا

أتصفـّحُ الدستورَ. بإسم الشّعب أقرأ ُ. ثمّ أضحكُ.
ثمّ أعذر للعصابة ما تُخطّط – في الظلام – مخافةً من يوم غدْ!.

..هذا أنا

مُتفرّجٌ، في المسرح البلديّ، منذُ ولادتي،
عن قصّة حَلَزُونـةٍ لا تنتهي.
عنوانُها :
أسطورة الأَحدِ الأحدْ!

..هذا أنا

مُتنكِّرٌ في جُبّةٍ وعمامةٍ.
أطوي الخلاءَ.
أبا العلاءَ!
أبا العلاء!
لقد جنيتُ على ولدْ!

..هذا أنا

من أجلِ أن أحيا لأُسبوعٍ أقاتلُ مرّتيْنِ.
وأُقتلُ مرّتيْنِ.
يقولُ لي صَحْبي وأعدائي:
»-تجنّبْ في الكتابةِ ما يدُلُّ على المكانِ
وفي الصّياغةِ ما يصيرُ إلى معانٍ...
وأقتربْ من هذهِ الدنيا كَنجْمٍ يبْتعِدْ«.
- حسنًا:! أقولُ.
وقد فهمتُ من النّصيحة أن أعيش
كأيّ شخصٍ لم تلِدهُ أُمُّه.. ولمْ يلَدْ!!

..هذا أنا

بكَّرتُ للدّنيا صبيحة َ يومِ سَبْتْ.
كان الفرنجةُ يرحلونَ
ملوِّحينَ بشاراةٍ منْقُوصةٍ من نصْرِها...
وأنا أنُطُّ مع الفراشةِ في حقولِ الأقحوان.
بعْدي، بعامٍ،
إستقلّتْ تونسُ.. الخضراءُ: من جهةِ الشمالْ
هي أمُّ من؟
وأنا أخُوها في الرضاعةِ والمنامةِ والحداثةِ
والتّلكّؤِ.. والسّؤال؟!

..هذا أنا

أمشي مع الشّعراءَ دون حراسةٍ
في المهرجانِ.. مُسلّحًا بمُترجمٍ
لكأنَّ شعري وهو ظلّي وَاقفٌ
ليسَ التدرُّجَ في صعود السلُّمِ!
والمهرجان عبارة عن مطعمٍ
يأتي الكتابةَ بالملاعق والفمِ!
أمشي.. وأحيانًا أطيرُ.. لأنّني
أهْوى السقوطَ، مع الحَمامِ، على دمي.

..هذا أنا

لا يقرأ ُ البوليسُ نَصّي في الجريدةِ ناقصًا.
بلْ يقرأ ُ المخطوطَ حِذْوَ مديرِها.
في اللّيل.
قبل توجّعي وصدورها.
وإذنْ : سأكتبُ بالبريدْ
لمن أريدُ.. وما أُريدْ.

..هذا أنا

والعالمُ العربيُّ
في ذيلِ القطارِ
مُقيَّـدينَ
نُسلّم اللصَّ الأخير نُقودنَا،
ونساءَنا،
وحدائق الفرْدوسِ في القرآنِ.
لكنَّ المصوّرَ –غاضبًا- والشمسُ قد غَرُبت،
يُعيد إلى الفضيحةِ ضوْءها وبريقَها.
فنكدُّ في جعلِ الأداءِ ملائما لمُقيّديْنِ (على الأصح مُسَلْسَلَيْنِ)،
يُسلّمون نقودَهم ونساءَهم..
أمّا الدّموعُ.. فلا مجالَ لذرْفِها:
كادتْ تماسيحُ البحيرةِ تكتفي بظلالِنا لعشائِها لولا إنهيارٌ قَرْقع للجسْر كدَّسنا على أفْواهِها..
قبرٌ هو التِّمساحُ،
وقبرٌ بالتّمام وبالكمال وبالمجانْ،
قبْرٌ سابحٌ أو لابدّ أو بينَ بينَ..
لا تنْسَ دوركَ في الرّجوعِ إلى الحياةِ فُجاءةً..
فلربّما لفظتْ تماسيحُ البُحْيرَةِ واحدًا منّا،
بطُمِّ طميمهِ،
ليكُونَ سرْدًا عابرًا للصّمتِ عن تلكَ الفضيحةِ في القطارْ.
رحل القطارُ مُقيَّدًا في بعضهِ،
رحل القطارُ وذيْلهُ مُتقمِّصٌ ما أبْدعَ الحدّادُ والرسّامُ
والنحّاتُ في رأسِ الأسدْ.

..هذا أنا

فكّرتُ في شعبٍ يقول : نعمْ ولاَ
عدّلتُ ما فكّرتُ فيهِ لأنّني – ببساطةٍ – عدّلت ما فكّرتُ فيه
فكّرتُ في شعبٍ يقول : نعم لـ : لاَ
فكّرتُ في عديدِ الضحايا واليتامى والأرامل
واللصوصْ
فكّرتُ في هربِ الحروفِ من النصوص.
فكّرتُ في شعبٍ يغادرُ أرضهُ
بنسائهِ ورجالهِ
وجِمالهِ وكلابهِ.
فكّرتُ في تلكَ اليتيمة – في الحكومة –
وحدها تستوردُ التصفيقْ
من حفلٍ لسوبرانو يُغنّي للغزالةِ
والعدالةِ والمسيحْ.
فكّرتُ في صمتٍ فصيحْ
مضتِ الحياةُ كما مضتْ
مضت الحياةُ تهافُتًا وَ.. سبهلا
سأقولُ للأعشى الكبير قصيدة في البار،
إن نفذَ الشرابُ، وصاح في ليلِ المدينة ديكُها وغُرابها :
- يــــــــــا ناسُ
ليس هناك – بعدَ الآنَ – غَدْ.

لا تعتذر عمَّا فعلت :::: محمود درويش





لا تعتذرْ عمَّا فَعَلْتَ – أَقول في
سرّي. أقول لآخَري الشخصيِّ:
ها هِيَ ذكرياتُكَ كُلُّها مرئِيّةٌ:
ضَجَرُ الظهيرة في نُعَاس القطِّ/
عُرْفْ الديكِ/
عطرُ المريميَّةِ/
قهوةُ الأمِّ /
الحصيرةُ والوسائدُ/
بابُ غُرفَتِكَ الحديديُّ/
الذبابةُ حول سقراطَ/
السحابةُ فوق أفلاطونَ/
ديوانُ الحماسةِ/
صورةُ الأبِ/
مُعْجَمُ البلدانِ/
شيكسبير/
الأشقّاءُ الثلاثةُ,والشقيقاتُ الثلاثُ,
وأَصدقاؤك في الطفولة ’ والفضوليُّون:
((هل هذا هُوَ؟)) اختلف الشهودُ :
لعلَّه, و كأنه. فسألتُ)) مَنْ هُوَ؟))
لم يُجيبوني. هَمَسْتُ لآخري: ((أَهو
الذي قد كان أنتَ... أنا؟))فغضَّ
الطرف. والتفتوا إلى أُمِّي لتشهد
أَنني هُوَ... فاستعدَّتْ للغناء على
طريقتها: أنا الأمُّ التي ولدتْهُ’
لكنَّ الرياحَ هِيَ التي رَبَّتْهُ.
قلتُ لآخري: لا تعتذر إلاّ لأمِّكْ!




هذه أول قصيده شارك بها تميم فى مسابقة أمير الشعراء خفقان قلب خفقان قلب خفقان قلب .......... قفي ساعةً يفديكِ قَوْلي وقائِلُهْ............