الأحد، 27 مارس 2011

‏محاولات لقتل امرأة لا تقتل ::: شعر و قصائد نزار قباني















وعدتك أن لا أحبك
ثم امام القرار الكبير جبنت ..
وعدت بأن لا أعود وعدت ..
وأن لا أموت اشتياقا ومت ..
وعدت مرار وقررت ان استقيل مراراً ..
ولا أتذكر اني استقلت ..
وعدت بأشياء اكبر مني ..
فماذا غدا ستقول الجرائد عني ..
أكيد ستكتب اني انتحرت ..
وعدتك أن لا أكون ضعيفا .. وكنت ..
وأن لا أقول بعينيك شعراً وقلت ..
وعدتك بأن لا وأن لا .. وحين اكتشفت غبائي ضحكت ..
وعدتك أن لا أبالي بشعرك حين يمر أمامي ..
وحين تدفق كالليل فوق الرصيف صرخت ..
وعدتك أن أتجاهل عينيك مهما دعاني الحنين ..
وحين رأيتهما تمطران نجوماً شهقت ..
وعدتك أن لا أوجه أي رسالة حب اليك ..
ولكنني رغم أنفي كتبت ..
وعدتك أن لا أكون في أي مكان تكونين فيه ..
وحين عرفت أنك مدعوة للعشاء ذهبت ..
وعدتك أن لا أحبك ..
كيف وأين ومتى أي يوم وعدت ..
لقد كنت أكذب من شدة الصدق ..
والحمد لله أني كذبت ..
وعدت بكل برود وكل غبائي بإحراق كل الجسور ورائي ..
وقررت بالسر قتل جميع النساء ..
وأعلنت حربي عليك ..
وحين رأيت يديك المسالمتين اختجلت ..
وعدت بأن لا .. وأن لا .. وأن لا ..
وكانت جميع وعودي دخان وبعثرته في الهواء ..
وعدتك أن لا أتلفن ليلاً ..
وأن لا أفكر فيك إذا تمرضين ..
وأن لا أخاف عليك .. وأن لا أقدم ورداً ..
وأن لا أبوس يديك ..
وتلفنت ليلاً على الرغم مني ..
وأرسلت وردا على الرغم مني ..
وبستك من بين عينيك حتى شبعت ..
وعدت بأن لا وأن لا وأن لا ..
وحين اكتشفت غبائي ضحكت ..
وعدت بذبجك خمسين مرة ..
وحين رأيت الدماء تغطي ثيابي ..
تأكدت بأني الذي قد ذبحت ..
فلا تأخذيني على محمل الجد .. مهما غضبت ..
ومهما انفعلت .. ومهما اشتعلت ومهما انطفأت ..
لقد كنت أكذب من شدة الصدق ..
والحمد لله أني كذبت ..
وعدتك أن أحسم الأمر فوراً ..
وحين رأيت الدموع تهرهر من مقلتيك إرتبكت ..
وحين رأيت الحقائب على الأرض تأكدت أنك لا تقتلين بهذه السهولة ..
فأنت البلاد وأنت القبيلة ..
وأنت القصيدة قبل التكون .. وأنت الدفاتر ..
أنت المشاوير أنت االطفولة ..
وعدت بإلغاء عينيك من دفتر الذكريات ..
ولم أكن أعلم أني سألغي حياتي ..
ولم أكن أعلم أنك رغم الخلاف الصغير أنا ..
وأني أنت ...؟؟ ..
وعدتك أن لا أحبك يا للحماقة .. ماذا بنفسي فعلت ..
لقد كنت أكذب من شدة الصدق ..
والحمد لله أني كذبت ..
وعدتك أن أكون هنا بعد خمس دقائق ..
ولكن أين أذهب ..
إن الشوارع مغسولة بالمطر .. الى أين أذهب ..
إن مقاهي المدينة مسكونة بالضجر ..
الى أين أبحر وحدي وأنت البحار وأنت القلوع وأنت السفر ..
فهل ممكن أن أظل لعشر دقائق أخرى حتى انقطاع المطر ..
أكيد بأنني سأرحل بعد رحيل الغيوم وبعد هدوء الرياح ..
وإلا سأنزل ضيفاً عليك إلى أن يجئ الصباح ..
وعدتك أن لا أحبك مثل المجانين في المرة الثانية ..
وأن لا أهاجم كالعصافير أشجار تفاحك العالية ..
وأن لا أمشط شعرك حين تنامين يا قطتي الغالية ..
وعدتك أن لا أضيع بقية عقلي إذا ما سقطتي على جسدي ..
كنجمة حافية ..
وعدت بكبح جماح جنوني ..
ويسعدني أنني لا زلت شديد التطرف حين أحب ..
تماماً كما كنت في السنة الماضية ..
وعدتك أن لا أخبئ وجهي بغابات شعرك طيلة عام ..
وأن لا أصيد المحار على رمل عينيك طيلة عام ..
فكيف أقول كلاماً سخيفاً كهذا الكلام ..
فعينيك داري ودار السلام ..
وكيف سمحت لنفسي بجرح شعور الرخام ..
وبيني وبينك خبز وملح ..
وسكب نبيذ وشدو حمام ..
وأنت البداية في كل شئ .. ومسك الختام ..
وعدتك بأن لا أعود وعدت ..
وأن لا أموت إشتياقاً ومت ..
وعدت بأشياء أكبر مني ..
لقد كنت أكذب من شدة الصدق ..
والحمد لله أني كذبت ..






متي يعلنون وفاة العرب :::: شعر و قصائد نزار قباني








أحاولُ منذ الطُفولةِ رسْمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العَرَبْ
تُسامحُني إن كسرتُ زُجاجَ القمرْ...
وتشكرُني إن كتبتُ قصيدةَ حبٍ
وتسمحُ لي أن أمارسَ فعْلَ الهوى
ككلّ العصافير فوق الشجرْ...
أحاول رسم بلادٍ
تُعلّمني أن أكونَ على مستوى العشْقِ دوما
فأفرشَ تحتكِ ، صيفا ، عباءةَ حبي
وأعصرَ ثوبكِ عند هُطول المطرْ...

2

أحاولُ رسْمَ بلادٍ...
لها برلمانٌ من الياسَمينْ.
وشعبٌ رقيق من الياسَمينْ.
تنامُ حمائمُها فوق رأسي.
وتبكي مآذنُها في عيوني.
أحاول رسم بلادٍ تكون صديقةَ شِعْري.
ولا تتدخلُ بيني وبين ظُنوني.
ولا يتجولُ فيها العساكرُ فوق جبيني.
أحاولُ رسْمَ بلادٍ...
تُكافئني إن كتبتُ قصيدةَ شِعْرٍ
وتصفَحُ عني ، إذا فاض نهرُ جنوني

3

أحاول رسم مدينةِ حبٍ...
تكون مُحرّرةً من جميع العُقَدْ...
فلايذبحون الأنوثةَ فيها...ولايقمَعون الجَسَدْ...

4

رَحَلتُ جَنوبا...رحلت شمالا...
ولافائدهْ...
فقهوةُ كلِ المقاهي ، لها نكهةٌ واحدهْ...
وكلُ النساءِ لهنّ - إذا ما تعرّينَ-
رائحةٌ واحدهْ...
وكل رجالِ القبيلةِ لايمْضَغون الطعامْ
ويلتهمون النساءَ بثانيةٍ واحدهْ.

5

أحاول منذ البداياتِ...
أن لاأكونَ شبيها بأي أحدْ...
رفضتُ الكلامَ المُعلّبَ دوما.
رفضتُ عبادةَ أيِ وثَنْ...

6

أحاول إحراقَ كلِ النصوصِ التي أرتديها.
فبعضُ القصائدِ قبْرٌ ،
وبعضُ اللغاتِ كَفَنْ.
وواعدتُ آخِرَ أنْثى...
ولكنني جئتُ بعد مرورِ الزمنْ...

7

أحاول أن أتبرّأَ من مُفْرداتي
ومن لعْنةِ المبتدا والخبرْ...
وأنفُضَ عني غُباري.
وأغسِلَ وجهي بماء المطرْ...
أحاول من سلطة الرمْلِ أن أستقيلْ...
وداعا قريشٌ...
وداعا كليبٌ...
وداعا مُضَرْ...

8

أحاول رسْمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
سريري بها ثابتٌ
ورأسي بها ثابتٌ
لكي أعرفَ الفرقَ بين البلادِ وبين السُفُنْ...
ولكنهم...أخذوا عُلبةَ الرسْمِ منّي.
ولم يسمحوا لي بتصويرِ وجهِ الوطنْ...

9

أحاول منذ الطفولةِ
فتْحَ فضاءٍ من الياسَمينْ
وأسّستُ أولَ فندقِ حبٍ...بتاريخ كل العربْ...
ليستقبلَ العاشقينْ...
وألغيتُ كل الحروب القديمةِ...
بين الرجال...وبين النساءْ...
وبين الحمامِ...ومَن يذبحون الحمامْ...
وبين الرخام ومن يجرحون بياضَ الرخامْ...
ولكنهم...أغلقوا فندقي...
وقالوا بأن الهوى لايليقُ بماضي العربْ...
وطُهْرِ العربْ...
وإرثِ العربْ...
فيا لَلعجبْ!!

10

أحاول أن أتصورَ ما هو شكلُ الوطنْ?
أحاول أن أستعيدَ مكانِيَ في بطْنِ أمي
وأسبحَ ضد مياه الزمنْ...
وأسرقَ تينا ، ولوزا ، و خوخا,
وأركضَ مثل العصافير خلف السفنْ.
أحاول أن أتخيّلَ جنّة عَدْنٍ
وكيف سأقضي الإجازةَ بين نُهور العقيقْ...
وبين نُهور اللبنْ...
وحين أفقتُ...اكتشفتُ هَشاشةَ حُلمي
فلا قمرٌ في سماءِ أريحا...
ولا سمكٌ في مياهِ الفُراطْ...
ولا قهوةٌ في عَدَنْ...

11

أحاول بالشعْرِ...أن أُمسِكَ المستحيلْ...
وأزرعَ نخلا...
ولكنهم في بلادي ، يقُصّون شَعْر النخيلْ...
أحاول أن أجعلَ الخيلَ أعلى صهيلا
ولكنّ أهلَ المدينةِيحتقرون الصهيلْ!!

12

أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...
خارجَ كلِ الطقوسْ...
وخارج كل النصوصْ...
وخارج كل الشرائعِ والأنْظِمَهْ
أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...
في أي منفى ذهبت إليه...
لأشعرَ - حين أضمّكِ يوما لصدري -
بأنّي أضمّ تراب الوَطَنْ...

13

أحاول - مذْ كنتُ طفلا ، قراءة أي كتابٍ
تحدّث عن أنبياء العربْ.
وعن حكماءِ العربْ... وعن شعراءِ العربْ...
فلم أر إلا قصائدَ تلحَسُ رجلَ الخليفةِ
من أجل جَفْنةِ رزٍ... وخمسين درهمْ...
فيا للعَجَبْ!!
ولم أر إلا قبائل ليست تُفرّق ما بين لحم النساء...
وبين الرُطَبْ...
فيا للعَجَبْ!!
ولم أر إلا جرائد تخلع أثوابها الداخليّهْ...
لأيِ رئيسٍ من الغيب يأتي...
وأيِ عقيدٍ على جُثّة الشعب يمشي...
وأيِ مُرابٍ يُكدّس في راحتيه الذهبْ...
فيا للعَجَبْ!!

14

أنا منذ خمسينَ عاما،
أراقبُ حال العربْ.
وهم يرعدونَ ، ولايمُطرونْ...
وهم يدخلون الحروب ، ولايخرجونْ...
وهم يعلِكونَ جلود البلاغةِ عَلْكا
ولا يهضمونْ...

15

أنا منذ خمسينَ عاما
أحاولُ رسمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
رسمتُ بلون الشرايينِ حينا
وحينا رسمت بلون الغضبْ.
وحين انتهى الرسمُ ، ساءلتُ نفسي:
إذا أعلنوا ذاتَ يومٍ وفاةَ العربْ...
ففي أيِ مقبرةٍ يُدْفَنونْ؟
ومَن سوف يبكي عليهم؟
وليس لديهم بناتٌ...
وليس لديهم بَنونْ...
وليس هنالك حُزْنٌ ،
وليس هنالك مَن يحْزُنونْ!!

16

أحاولُ منذُ بدأتُ كتابةَ شِعْري
قياسَ المسافةِ بيني وبين جدودي العربْ.
رأيتُ جُيوشا...ولا من جيوشْ...
رأيتُ فتوحا...ولا من فتوحْ...
وتابعتُ كلَ الحروبِ على شاشةِ التلْفزهْ...
فقتلى على شاشة التلفزهْ...
وجرحى على شاشة التلفزهْ...
ونصرٌ من الله يأتي إلينا...على شاشة التلفزهْ...

17

أيا وطني: جعلوك مسلْسلَ رُعْبٍ
نتابع أحداثهُ في المساءْ.
فكيف نراك إذا قطعوا الكهْرُباءْ؟؟

18

أنا...بعْدَ خمسين عاما
أحاول تسجيل ما قد رأيتْ...
رأيتُ شعوبا تظنّ بأنّ رجالَ المباحثِ
أمْرٌ من الله...مثلَ الصُداعِ...ومثل الزُكامْ...
ومثلَ الجُذامِ...ومثل الجَرَبْ...
رأيتُ العروبةَ معروضةً في مزادِ الأثاث القديمْ...
ولكنني...ما رأيتُ العَرَبْ!!...




انتظرها :::: محمود درويش




بكاس الشراب المرصع باللازورد
انتظرها
علي بركة الماء حول المساء وزهر الكولونيا
انتظرها
بصبر الحصان المعد لمنحدرات الجبال
انتظرها
بذوق الامير الرفيع البديع
انتظرها
بسبع وسائد محشوة بالسحاب الخفيف
انتظرها
بنار البخور النسائي ملء المكان
انتظرها
برائحة الصندل الذكرية حول ظهور الخيول
انتظرها
ولا تتعجل فان اقبلت بعد موعدها
فانتظرها
وان اقبلت قبل موعدها
فانتظرها
ولا تجفل الطير فوق جدائلها
وانتظرها
لتجلس مرتاحة كالحديقة في اوج زينتها
وانتظرها
لكي تتنفس هذا الهواء الغريب علي قلبها
وانتظرها
لترفع عن ساقها ثوبها غيمة غيمة
وانتظرها
وخذها الي شرفة لتري قمرا غارقا في الحليب
انتظرها
وقدم لها الماء قبل النبيذ ولا
تتطلع الي توامي حجل نائمين علي صدرها
وانتظرها
ومس علي مهل يدها عندما
تضع الكاس فوق الرخام
كانك تحمل عنها الندي
وانتظرها
تحدث اليها كما يتحدث ناي
الي وتر خائف في الكمان
كانكما شاهدان علي ما يعد غد لكما
وانتظرها
ولمع لها ليلها خاتما خاتما
وانتظرها
الي ان يقول لك الليل
لم يبق غيركما في الوجود
فخذها برفق الي موتك المشتهي
وانتظره

هذه أول قصيده شارك بها تميم فى مسابقة أمير الشعراء خفقان قلب خفقان قلب خفقان قلب .......... قفي ساعةً يفديكِ قَوْلي وقائِلُهْ............