السبت، 31 يوليو 2010

ففي أعرافك لا يعتذر الرجال :: احلام مستغانمي









الظلام الساطع الذي في قلبي
ماذا أستطيع أن أسمّيه؟
الطائر المبتل الذي ينقر أمام النافذة كيف لي أن أطعمه؟
جرس الهاتف الذي يرن من يرد عليه؟
الأبواب التي تقرع من يقوم ليفتحها؟
و إذا لم تكوني أنت
فمن تراني أنتظر!!

نزيه أبو عفش


******


أحتفظ

بما واصل الهاتف قوله

بعد أشهر من صمتك

ببوحك

بما أخفيتَ من دمعك

بحزنك لاحتمال ظلمك لي

بعناد بداوتك

***

أحتفظ

بوجع أنفتك

بأسئلة غيرتك

بشكوكك.. بنوبات غضبك

بقسمي.. بألمي..

بنومي على عتبات قلبك

عساك تصدّقني


***

أحتفظ بمرارة كبريائك

بقهر حسرتك

بندم يواصل الفتك بك

بسبب كلمة تأبى أن تقولها


***


أحتفظ بدموع اللحظات

التي لم نعشها

بحداد الأماكن

بتنهدات المطارات

أحتفظ بحقيبة أهديتني إيّاها

مشابهة تماما لحقيبتك

جاهزة كما كانت

لرحلة أخلفنا طائرتها إلى الأبد

***

أحتفظ بذاكرة ما لم يحدث

بتفاصيل ما لن يكن

بالهدر الموجع للجمال

أحتفظ بكل ما ارتضيت أن تخسره

كي تحتفظ بكلمة

ففي أعرافك لا يعتذر الرجال


****


يوليو 2009

محمود درويش :::: نزَف الحبيبُ شقائقَ النُّعْمانِ




نزَف الحبيبُ شقائقَ النُّعْمانِ,
أَرضُ الأرجوان تلألأتْ بجروحِهِ,
أُولى أَغانيها: دَمُ الحُبُّ الذي سفكته آلهةٌ,
وآخرُها دَمٌ....
يا شعبَ كَنْعَانَ احتفلْ
بربيع أَرضك , واشتعلْ
كزهورها, يا شعب كنعان المُجَرَّدَ من
سلاحك, واكتملْ!
من حُسْن حَظِّكَ أنَّكَ اُخترتَ الزراعةَ مِهْنَةً
من سوء حظك أنَّكَ اخترتَ البساتينَ
القربيةَ من حدود الله,
حيث السيفُ يكتب سِيرَةَ الصَّلْصَالِ...
فلتَكُنِ السنابلُ جَيْشَكَ الأبديَّ,
وليكنِ الخلودُ كلابَ صيدٍ
في حقول القمح,
ولتكن الأيائِلُ حُرَّةً
كقصيدةٍ رعويٍة....
نَزَفَ الحبيبُ شقائقَ النعمان,
فاصفرَّتْ صخورُ السَّفْحِ من
وَجَع المخاض الصعبِ’
واحمرَّتْ’
وسال الماءُ أَحمرَ
في عروق ربيعنا....
أُولى أغانينا دَمُ الحُبِّ الذي
سفكته آلهةٌ’
وآخرُها دَمٌ سَفَكَتْهْ آلهةُ الحديد..





هيبة العرش الخلي من الملوك :: الشاعر تميم البرغوثي




أبصرت في أحد المتاحف مرة
منحوتة من أول العصر الوسيط
أظن باب كنيسة أو مذبحا
عرش عليه بردة مطوية وعمامة أو تاج غار
والعرش خال يسأل الايام عن أربابه
وقد استعاض عن المليك بتاجه وثيابه
والعرش فوق غزالتين كأنما دبت حياة فيهما
وجهاهما دفء يشي بالشمس من قبل النهار
وبدا على ساقيهما قيدان قد جعلاهما
أحلى وأكرم مثل أهلي في الحصار
إحداهما نظرت إلى العرش الخلي
وأختها نظرت الى جهة السما
وكأن غيما ما سيمطر للأنام خليفة ومعلما
وسمعت في الشرح المصاحب أنها
من أندر القطع التي يبدو بها عيسى المسيح ممثلا بغيابه
فرأيت تمثالا رخاميا لفكرة الانتظار
ورأيت أن العرش أجمل وهو خال
أو هو العرش الذي فيه ملوك من خيال
حيث أن خيالنا خير من التاريخ
ماضيه وحاضره ومن مستقبل طفل
يحاول أن يخط شواربا ويزيد طولا
كي يناسبه وشاح صيغ من احلامنا
فأعانك الرحمن يا طفلا من رحم الغيب
من قبل الولادة بالمطالب أثقلوه
أنا مادح العرش الخلي من الملوك
**************
صعب على الشعراء مدح الصبر في بلدي
فأهلي صابرون على الزمان كأمه
لكنني وأنا أقل الناس صبرا
سوف أمدحه وأمدح الانتظار على مرارة طعمه
فمرارة الصبر التي هي مضرب الأمثال
مرجعها إلى أن انتظار المرء يجعل عمره صوما
فيطلب أن يعوضه الزمان بجنة عن صومه
والدهر ليس جنائنيا لا ولا غرس النوى من علمه
من كان ذا حلم وطال به المدى فليحمه
وليحم أيضا نفسه من حلمه
فالحلم يكبر أشهرا في يومه
ويزيد دين الدهر حتى يستحيل
فإذا استحال ترى ابن آدم راضيا من أي شيء بالقليل
لا تقبلوا بالقبح يا أهلي مكافأة على الصبر الجميل
فالصبر طول الدهر خير من خلاص كاذب
ما فيه من صفة الخلاص سوى اسمه
يا شعبي الشيخ الجليل
هناك ما يدعوك دوما للتشكك في الذين يبشرونك
بنهاية السعي العظيم وأنهم عما مضى سيعوضونك
كم من دعي سيزعم أن هذا عرشه
ويقيم دولته علينا
والبساط الاحمر الرسمي مدود
يزين جانبيه جيشه
وترى احتفالات على التلفاز باسمك
إنما ستقام دونك
هل كان أي الناس منتظرا رجالا مثلهم
من بعد أعوام وأعوام من الموت المقطر والعناد؟؟
ألأجل أعراس الفنادق والتجارة
ما أطلنا الموت فيها والجهاد ؟؟
ألأجل نافذه على قصر رئاسي
يقام بملجأ في الطابق العشرين تحت الارض
شردنا بأطراف البلد ؟؟
ألأجل هذا مثل فهد السيرك في ألعابه
يا مهر ثورتنا المفدى قيدوك وأرسلوك ؟؟
ما أحسن العرش الخلي من الملوك
****************
وهناك أيضا ما يدعوك للتشكك في الذين يمجدونك
ويمجدون الشعب شعب الله
فاسدد عنهم الآذان ثم افتح عيونك
وانظر لتعلم من حري أن يصون ومن حري أن يخونك
أنا لن أؤله شعبي الشيخ الجليل
لأنه في أكثر الأحيان عادي
ككل شعوب هذه الأرض
بل هو حين يقتل بعضه بعضا
يورطني فلا أدري لعمري
كيف أشرح ما أرى من حسنه للآخرين
أنا لن أؤلههم كذلك حيث أني لست شخصا مفردا عنهم
ولكن واحد منهم
وتأليه الرجال نفوسهم أمر حزين
لكنني أدري بأن الناس قد صبروا
وأن السمر تحت القصر ما زالت تفكر في الزواج وفي البنين
أدري بأن القوم ينتظرون نصرا ما سيأتيهم
وأدري أنه فيهم
وإن كانت أسافلهم عليهم حاكمين
أدري بأنا سوف نغلِب
رغم أنا اليوم اضعف من حصون سورها من ياسمين
لكنني أنا لن أقول بأننا أعلى وأفضل من شعوب العالمين
سيقال إنا أفضل أهل الأرض
نعلوا فوق إخوتنا
نقول لهم قديما خنتمونا
ما لكم عتب علينا
هل نخون القوم نحن الآن حتى ما نعاقبهم
ونفرح أننا والحمد لله استوينا
حيث أصبحنا جميعا خائنين ؟؟
ويقول قائلهم بأن الناس قد سئموا المجاعة والدمار
ويقول قائلهم بأنا قد اشتقنا لنصر ما
فسمينا الهزيمة الانتصار
ويطمئنون النسر في أعلى السماء بأنهم منحوه ترقية
وبدءا من غد
أضحى عليه أن يداوم كل يوم في الوثيقة والشعار
يا أيها الملك الذي قد مجدوك ليعزلوك ويقتلوك
أنت الجميل ولست محتاجا إلى صلواتهم لكي يجملوك
يا أيها الأمل الحقيقي الذي تركوك مصلوبا بقارعة الطريق
ومر عنك الناس لم يتأملوك
يا أيها الطفل الذي من بيت لحم
لا تظن بأنهم يبغون عودتك الجليلة هاهنا
والله لو علموا بأنك قادم حقا
لخاضوا ألف حرب مرة ليؤجلوك
حتى إذا ما جئت تسألهم عن العرش الذي قد كان عرشك يا كريم الوجه
فاعلم ان جل القوم لن يتحملوك
ولك الصلاة عليك تترا والسلام
وعناية الرحمن ما نادى الحمام على الحمام
يا صاحب العرش الخلي من الملوك

تميم البرغوثي :: قفي ساعةً يفديكِ قَوْلي وقائِلُهْ.




قفي ساعةً يفديكِ قَوْلي وقائِلُهْ
ولا تَخْذِلي مَنْ باتَ والدهرُ خاذِلُهْ

أَنَا عَالِمٌ بالحُزْنِ مُنْذُ طُفُولَتي
رفيقي فما أُخْطِيهِ حينَ أُقَابِلُهْ

وإنَّ لَهُ كَفَّاً إذا ما أَرَاحَها
عَلَى جَبَلٍ ما قَامَ بالكَفِّ كَاهِلُهْ

يُقَلِّبُني رأساً على عَقِبٍ بها
كما أَمْسَكَتْ سَاقَ الوَلِيدِ قَوَابِلُهْ

وَيَحْمِلُني كالصَّقْرِ يَحْمِلُ صَيْدَهُ
وَيَعْلُو به فَوْقَ السَّحابِ يُطَاوِلُهْ

فإنْ فَرَّ مِنْ مِخْلابِهِ طاحَ هَالِكاً
وإن ظَلَّ في مِخْلابِهِ فَهْوَ آكِلُهْ

عَزَائي مِنَ الظُّلاَّمِ إنْ مِتُّ قَبْلَهُمْ
عُمُومُ المنايا مَا لها مَنْ تُجَامِلُهْ

إذا أَقْصَدَ الموتُ القَتِيلَ فإنَّهُ
كَذَلِكَ مَا يَنْجُو مِنَ الموْتِ قاتلُِهْ

فَنَحْنُ ذُنُوبُ الموتِ وَهْيَ كَثِيرَةٌ
وَهُمْ حَسَنَاتُ الموْتِ حِينَ تُسَائِلُهْ

يَقُومُ بها يَوْمَ الحِسابِ مُدَافِعاً
يَرُدُّ بها ذَمَّامَهُ وَيُجَادِلُهْ

وَلكنَّ قَتْلَىً في بلادي كريمةً
سَتُبْقِيهِ مَفْقُودَ الجَوابِ يحاوِلُهْ

ترىالطفلَ مِنْ تحت الجدارِ منادياً
أبي لا تَخَفْ والموتُ يَهْطُلُ وابِلُهْ

وَوَالِدُهُ رُعْبَاًَ يُشِيرُ بَكَفِّهِ
وَتَعْجَزُ عَنْ رَدِّ الرَّصَاصِ أَنَامِلُهْ

أَرَى اْبْنَ جَمَالٍ لم يُفِدْهُ جَمَالُهُ
وَمْنْذُ مَتَي تَحْمِي القَتِيلَ شَمَائِلُهْ

عَلَى نَشْرَةِ الأخْبارِ في كلِّ لَيْلَةٍ
نَرَى مَوْتَنَا تَعْلُو وَتَهْوِي مَعَاوِلُهْ

أَرَى الموْتَ لا يَرْضَى سِوانا فَرِيْسَة
كَأَنَّا لَعَمْرِي أَهْلُهُ وَقَبَائِلُهْ

لَنَا يَنْسجُ الأَكْفَانَ في كُلِّ لَيْلَةٍ
لِخَمْسِينَ عَامَاً مَا تَكِلُّ مَغَازِلُهْ

وَقَتْلَى عَلَى شَطِّ العِرَاقِ كَأَنَّهُمْ
نُقُوشُ بِسَاطٍِ دَقَّقَ الرَّسْمَ غَازِلُهْ

يُصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ يُوطَأُ بَعْدَها
وَيَحْرِفُ عُنْهُ عَيْنَهُ مُتَنَاوِلُهْ

إِذَا ما أَضَعْنَا شَامَها وَعِراقَها
فَتِلْكَ مِنَ البَيْتِ الحَرَامِ مَدَاخِلُهْ

أَرَى الدَّهْرَ لا يَرْضَى بِنَا حُلَفَاءَه
وَلَسْنَا مُطِيقِيهِ عَدُوَّاً نُصَاوِلُهْ

فَهَلْ ثَمَّ مِنْ جِيلٍ سَيُقْبِلُ أَوْ مَضَى
يُبَادِلُنَا أَعْمَارَنا وَنُبَادِلُهْ

لو أستطيع ::: أولاد أحمد




لو أستطيع

ناهضٌ من بذوري إليهما

لو أستطيع..

أحمرُّ في وجنتيها

وأملأ الأفق عطراً

إن ضاع .. أو .. ضاع يوماً

تلمّه بيديها

،،

هابطٌ من سمائي إليها

لو أستطيع

لعدتُ فوراً إليها

وقلت:

من كان مثلي

أضاع عقلاً لديها!

،،

ذاهبٌ في الطريق إليها

لو أستطيع

وصلتُ قبلي إليها

وسرتُ في الحبّ حتّى

أعود منه.. إليها



الجمعة، 30 يوليو 2010

مصلوبة النهدين ::: شعر و قصائد نزار قباني


مصلوبة النهدين .. يالي منهما

تركا الردا .. وتسلقا أضلاعي

والليل يلهب أحمر الأطماع ..

ردي مآزرك التريكة .. واربطي

لا تتركي المصلوب يخفق رأسه

في الريح .. فهي كئيبة الإيقاع

يا طفلة الشفتين .. لا تتهوري

طبع الزوابع فيه بعض طباعي

شارٍ بأسواق الهوى بياع

جثثٌ .. وأمراضٌ .. وبئر أفاعي

أضميري الموبوء .. أية كذبةٍ

عوذت نهدك وهو كوم أناقةٍ

أن ترهنيه للذتي .. ومتاعي

عودي لأمك .. ما أنا بحمامةٍ

فغريزة الحيوان تحت قناعي

بلهاء .. تحت فمي وضغط ذراعي ..

مسمومةٍ تلقين في أسماعي

عوذت نهدك وهو كوم أناقةٍ

أن ترهنيه للذتي .. ومتاعي

***

عودي لأمك .. ما أنا بحمامةٍ

فغريزة الحيوان تحت قناعي

ما أنت حين أريد ، إلا لعبةٌ

بلهاء .. تحت فمي وضغط ذراعي ..


دواوين محمد الماغوط ::: اليتيم




آه
الحلم ...
الحلم ...
عربتي الذهبية الصلبة
تحطمتْ , وتفرقَ شملُ عجلاتها كالغجر
في كل مكان
حلمتُ ذات ليلة بالربيع
وعندما استيقطت
كانت الزهور تغطي وسادتي
وحلمتُ مرةً بالبحر
وفي الصباح
كان فراشي مليئاً بالأصداف وزعانف السمك
كانتِ الحراب
تطوقُ عنقي كهالة المصباح .
... فلن تجدوني بعد الآن
في المرافئ أو بين القطارات
ستجدونني هناك ... في المكتبات العامة
نائماً على خرائط أوروبا
نومَ اليتيم على الرصيف
حيث فمي يلامس أكثر من نهر
ودموعي تسيل من قارةٍ إلى قارة
.

محمد الماغوط :::: بدوي يبحث عن بلاد بدوية




أيها الفراشُ الباردُ والمظلم كالزقاق
آه كم أتمنى لو أشجكَ بفأس
أين الشفاهُ التي قبلتها ؟
والنهودُ التي داعبتها ؟
كأنَ القدرَ يصوبُ مسدساً إلى ظهري
ويسلبني كلَ شئ في وضح النهار

آه كم أتمنى ... لو أستيقظُ ذات صباح
فأرى المقاهي والمدارس والجمامعات
مستنقعاتٍ وطحالبَ ساكنة
خياماً تنبحُ حولها الكلاب
لأجدَ المدن والحدائق والبرلمانات
كثباناً رملية
آرباراً ينتشل الأعراب ماءهم منها بالدلاء

آه كم أتمنى لو أكونُ في قرية بعيدة
على سريرٍ غريب
وتحتَ سقفٍ غريب
وامرأة عجوز لم تقع عيناي عليها من قبل
تسألني ,
وهي تعصرُ منديلها المبلل فوق جبيني :
من أي بلاد أنت يا بني ؟
فأجيبها والدموعُ تملأ عيني :
................... آه يا جدتي


دواوين محمد الماغوط ::: سلمية




سلمية : الأدمعةُ التي ذرفها الرومان
على أولِ أسير فكَ قيوده بأسنانه
ومات حنيناً إليها .
سلمية .. الطفلةُ التي تعثرتْ بطرف أوروبا
وهي تلهو بأقراطها الفاطمية
وشعرها الذهبي
وظلتْ جاثيةً وباكيةً منذ ذلك الحين
دميتها في البحر
وأصابعها في الصحراء .

يحدُها من الشمال الرعب
ومن الجنوب الحزن
ومن الشرق الغبار
ومن الغرب .. الأطلالُ والغربان
فصولها متقابلةٌ أبداً
كعيون حزينةٍ في قطار .
نوافذها مفتوحةٌ أبداً
كأفواهٍ تنادي .. أفواه تلبي النداء
في كل حفنةٍ من ترابها
جناحُ فراشة أو قيدُ أسير
حرفٌ للمتنبي أو سوط للحجاج
أسنانُ خليفة , أو دمعةُ يتيم
زهورها لا تتفتحُ في الرمال
لأن الأشرعة مطويةٌ في براعمها
لسنابلها أطواقٌ من النمل
ولكنها لا تعرفُ الجوع أبداً
لأن أطفالها بعددِ غيومها
لكل مصباح فراشة
ولكل خروفٍ جرس
ولكل عجوز موقدٌ وعباءة
ولكنها حزينةً أبداً
لأن طيورها بلا مأوى

كلما هبَ النسيم في الليل
ارتجفت ستائرها كالعيون المطروفة
كلما مر قطارٌ في الليل
اهتزتْ بيوتها الحزينةُ المطفأه
كسلسلةٍ من الحقائب المعلقة في الريح
والنجومُ أصابع مفتوحة لالتقاطها
مفتوحة – منذ الأبد – لالتقاطها .

محمود درويش :::: لاشيء يعجبني


((لا شيءَ يُعْجبُني))
يقول مسافرٌ في الباصِ – لا الراديو
ولا صُحُفُ الصباح , ولا القلاعُ على التلال.
أُريد أن أبكي/
يقول السائقُ: انتظرِ الوصولَ إلى المحطَّةِ,
وابْكِ وحدك ما استطعتَ/
تقول سيّدةٌ: أَنا أَيضاً. أنا لا
شيءَ يُعْجبُني. دَلَلْتُ اُبني على قبري’
فأعْجَبَهُ ونامَ’ ولم يُوَدِّعْني/
يقول الجامعيُّ: ولا أَنا ’ لا شيءَ
يعجبني. دَرَسْتُ الأركيولوجيا دون أَن
أَجِدَ الهُوِيَّةَ في الحجارة. هل أنا
حقاً أَنا؟/
ويقول جنديٌّ: أَنا أَيضاً. أَنا لا
شيءَ يُعْجبُني . أُحاصِرُ دائماً شَبَحاً
يُحاصِرُني/
يقولُ السائقُ العصبيُّ: ها نحن
اقتربنا من محطتنا الأخيرة’ فاستعدوا
للنزول.../
فيصرخون: نريدُ ما بَعْدَ المحطَّةِ’
فانطلق!
أمَّا أنا فأقولُ: أنْزِلْني هنا . أنا
مثلهم لا شيء يعجبني ’ ولكني تعبتُ
من السِّفَرْ.




إكبري عشرين عاماً :: شعر و قصائد نزار قباني








...إكبري عشرين عاماً


... ثم عودي


إن هذا الحبَّ لا يرضي ضميري


...حاجز العمر خطيرٌ.. وأنا


...أتحاشى حاجزَ العمر الخطيرِ


...نحن عصرانِ.. فلا تستعجلي


القفز، يا زنبقتي، فوق العصور


...أنتِ في أولِ سطر في الهوى

وأنا أصبحتُ في السطر الأخيرِ






شعر و قصائد نزار قباني :: أريدك أنثى




شعر و قصائد نزار قباني :: أريدك أنثى





أريدك أنثى
...ولا ادعي العلم في كيمياء النساء
...ومن أين يأتي رحيق الأنوثة
وكيف تصير الظباء ظباء
وكيف العصافير تتقن فن الغناء
...أريدك أنثى
..ويكفي حضورك كي لا يكون المكان
...ويكفي مجيئك كي لا يجيء الزمان
..وتكفي ابتسامة عينيك كي يبدأ المهرجان
...فوجهك تأشيرتي لدخول بلاد الحنان
...أريدك أنثى
...كما جاء في كتب الشعر منذ ألوف السنين
...وما جاء في كتب العشق والعاشقين
...وما جاء في كتب الماء
... والورد
... والياسمين
..أريدك وادعة كالحمامة
...وصافية كمياه الغمامة
...وشاردة كالغزالة
...ما بين نجد
وبين تهامة
...أريدك مثل النساء اللواتي
نراهن في خالدات الصور
...ومثل العذارى اللواتي
نراهن فوق سقوف الكنائس
يغسلن أثدائهن بضوء القمر
...أريدك أنثى
..لتبقى الحياة على أرضنا ممكنة
..وتبقى القصائد في عصرنا ممكنة
...وتبقى الكواكب والأزمنة
..وتبقى المراكب، والبحر، والأحرف الأبجدية
..فما دمت أنثى فنحن بخير
...أريك أنثى لأن الحضارة أنثى
..لأن القصيدة أنثى
..وسنبلة القمح أنثى
..وقارورة العطر أنثى
...وباريس – بين المدائن- أنثى
...وبيروت تبقى – برغم الجراحات – أنثى
...فباسم الذين يريدون أن يكتبوا الشعر
.. كوني امرأة
..وباسم الذين يريدون أن يصنعوا الحب
... كوني امرأة


هذه أول قصيده شارك بها تميم فى مسابقة أمير الشعراء خفقان قلب خفقان قلب خفقان قلب .......... قفي ساعةً يفديكِ قَوْلي وقائِلُهْ............