مذكرات رجل مجهول ::: عبد الوهاب البياتي
أنا عامل , ادعى سعيد
من الجنوب
أبواي ماتا في طريقهما الى قبر الحسين
و كان عمري آنذاك
سنتين - ما اقسى الحياة
و أبشع الليل الطويل
و الموت في الريف العراقي الحزين -
و كان جدي لا يزال
كالكوكب الخاوي , على قيد الحياة
الليل في بغداد , و الدم و الظلال
ابداً , تطاردني كأني لا ازال
ظمآن عبر مقابر الريف البعيد و كان انسان الغد الآتي السعيد
انسان عالمنا الجديد
مولاي ! يولد في المصانع و الحقول
مولاي ! أمثالي من البسطاء لا يتمردون
لأنهم لا يعلمون
بأن أمثالي لهم حق الحياة
و حق تقرير المصير
و ان في أطراف كوكبنا الحزين
تسيل أنهار الدماء
من اجل انسان , الغد الآتي , السعيد
من اجلنا , مولاي انهار الدماء
تسيل من اطراف كوكبنا الحزين
ما زلت خادمك المطيع
لكنه علم الكتاب
و ما يثير برأس أمثالي من الهوس الغريب
و يقظة العملاق في جسدي الكئيب
و شعوري الطاغي , بأني في يديك ذبابة تدمى
و أنك عنكبوت
و عصرنا الذهبي , عصر الكادحين
عصر المصانع و الحقول
ما زال يغريني , بقتلك أيها القرد الخليع
و هجرت قريتنا , و أمي الأرض تحلم بالربيع
و مدافع الحرب الأخير , لم تزل تعوى , هناك
ككلاب صيدك لم تزل مولاي تعوي في الصقيع
و كان عمري آنذاك
عشرين عام
و مدافع الحرب الأخير لم تزل .. عشرين عام
مولاي … ! تعوى في الصقيع
و مات جدي , كالغراب , مع الخريف
كالجرذ , كالصرصور , مات مع الخريف
فدفنته في ظل نخلتنا و باركت الحياة
فنحن , يا مولاي , نحن الكادحين
ننسى , كما تنسى , بأنك دودة في حقل عالمنا الكبير
مارس
أعرف معنى أن تكون ؟
متسولا , عريان , في أرجاء عالمنا الكبير !
و ذقت طعم اليتم مثلى و ضياع ؟
أعرف معنى أن تكون ؟
لصاً تطارده الظلام
و الخوف عبر مقابر الريف الحزين