محمود درويش :::: ليل يفيض من الجسد
محمود درويش :::: ليل يفيض من الجسد
ياسَمينُ على لَيْلِ تَمَوزَ , أُغْنيَّةٌ
محمود درويش :::: ليل يفيض من الجسد
محمود درويش :::: ليل يفيض من الجسد
لغَريبَيْنِ يلتقيانِ على شارع
لا يؤدِّي إلى هَدَفٍ
مَنْ أَنا بعد عينين لُوزتَّينِ ؟
يقول الغريبْ
مَنْ أَنا بعد منفاكَ فيِّ ؟ تقَولُ الغريبْة
إذنْ , حسناً , فلنَكُنْ حَذِرَيْنِ لئلا
نُحَرِّكَ مِلْحَ البحارِ القديمةِ في جَسَد يتذَكَّرُ
كانت تُعيدُ لها جَسَدَاً ساخناً
ويُعيدُ لها جَسَداً ساخناً
هكذا يترُكُ العاشِقانِ الغريبانِ حُبَّهما فَوْضَوِيَّاً
كما يتركان ثيابَهما الداخليَّة بين زُهور الملاءات
إن كُنْتَ حقاً حبيبي , فأَلِّفْ
نشيدَ أَناشيدَ لي , واحفُرِ اسمي
على جذْع رُمُانة في حدائِقِ بابلَ
إن كُنْتِ حقاً تُحِبِّينَني , فَضعي
حُلُمي في يديَّ . وقولي لَهُ , لابنِ مريمَ
كيف فَعَلْتَ بنا ما فعلتَ بنفسِكَ
يا سيِّدي ؟ هل لدينا من العَدْل ما سوف
يكفي ليجعلنا عادلين غداً ؟
كيف أٌُشفى من الياسَمين غداً ؟
كيف أٌُشفى من الياسَمين غداً ؟
يُعْتِمانِ معاً في ظلالِ تشعُّ على
سقف غُرْفَتِهِ : لا تكُنْ مُعِتْماً
بَعْدَ نهديَّ – قالت له
قال : نهداكِ ليلٌ يُضيءُ الضروريَّ
نهداكِ ليلٌ يُقَبِّلُني , وامتلأنا أَنا
والمكانُ بليلٍ يَفيضُ من الكأسِ
تَضْحَكُ من وَصْفِهِ , ثم تضحك أَكثَرَ
حين تُخَبِّئُ مُنْحَدَرَ الليل في يدها
يا حبيبي لو كان لي
أَنْ أَكونَ صَبيَّاً ... لكُنْتُكَ أَنتَ
ولو كان لي أَنْ أَكونَ فتاةً
لكنتُك أَنتِ
من سماءِ نبيذيّةِ اللون : خُذْني
إلى بَلَد ليس لي طائرٌ أَزرقٌ
فوق صَفْصَافِةِ يا غريبُ
وتبكي , لتَقْطَعَ غاباتِها في الرحيلِ
الطويل إلى ذاتها : مَنْ أَنا ؟
مَنْ أَنا بعد مَنْفاك في جسدي ؟
آهِ منِّي , ومنكَ ومن بلدي
مَنْ أَنا بعد عينين لوزتَّين ؟
أَرِيني غَدي
هكذا يتركُ العاشقانِ وداعَهُما
فَوْضَوِيَّاً, كرائحةِ الياسمين على ليل تمُّوزَ
في كُلِّ تمُّوزَ يَحْملُني الياسمينُ إلى
شارع , لا يؤدِّي إلى هَدَفٍ
بَيْدَ أَني أُتابعُ أُغنيّتي
(من ديوان "لماذا تركت الحصان وحيدا" 1995 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق