وراء وحدتي. ::: جبران خليل جبران
إن وراء وحدتي و حدة أبعد و أقصى.
و ما انفرادي للمعتزل فيها سوى ساحة تغص بالمزدحمين.
و ما سكوني للساكنين فيها سوى جلبة وضجيج
إنني حدث مضطرب هائم بعد، فكيف أبلغ تلك الوحدة القاصية ؟
إن ألحان ذلك الوادي تتموج في أذني ،
و ظلاله السوداء تحجب الطريق عن عيني ،
فكيف أسير إلى تلك الوحدة العلوية ؟
إن وراء هذه الأودية و التلال غابة حب و افتتان ،
و ماسكوني لمن فيها سوى عاصفة هوجاء صماء ،
و ما افتتاني لعاشقها سوى انخداع و غرور.
إنني حدث مضطرب هائم بعد، فكيف أبلغ تلك الغابة القدسية ؟
فإن طعم الدماء لا يزال في فمي ،
و قوس أبي و نشابه ما برحا يدي،
فكيف أسير إلى تلك الوحدة العلوية ؟
إن لي وراء هذه الذات السجينة ذاتا حرة طليقة،
و ما أحلامي في عقيدتها سوى حرب في ظلام ،
و ما رغائبي تجاه رغائبها سوى قرقعة عظام.
إنني حدث مهان ذليل بعد،
فكيف أكوّن ذاتي الحرة الطليقة ؟
أجل كيف أكون ذاتي الحرة الطليقة،
قبل أن أثأر لنفسي فأذبح جميع ذواتي المستعبدة،
أو قبل أن يصير جميع الناس أحرارا طلقاء ؟
إذ كيف تطير أوراقي مترنمة فوق الريح
قبل أن تذوي جذوري في ظلام الأرض؟
بل كيف يحلق نسر روحي طائرا أمام وجه الشمس
قبل أن تترك فراخي عشها الذي بنيته لها بعرق وجهي؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق